عملية إنقاذ الحايس.. تكشف حقيقة الجيش الطائر ونظرية الأمن المصري الجديدة
أعلنت الجيش المصري تحرير النقيب محمد الحايس من قبضة الإرهابيين الذين اختطفوه عقب عملية الواحات، والأهم في العملية كان القضاء على جميع العناصر الإرهابية وإبادة جميع من شاركوا فيها، فكيف حدثت هذه العملية المعقدة وما هو تأثيرها على النظرية الجديدة للأمن القومي المصري؟
وكانت الخلية الإرهابية التي يقال إنه يتزعمها هشام العشماوي، والذي لم يحدد مكانه حتى الأن، قد اشتبكت في مع قوات الأمن عند الكيلو 135 بطريق القاهرة الواحات، يوم الجمعة 20 أكتوبر، وأسفرت الاشتباكات عن استشهاد 16 شرطيا، ومقتل وإصابة 15 إرهابيا.
سيناريوهات التحدي المعقد
إلا أن بقية الخلية الإرهابية تمكنت من الفرار ومعها النقيب الحايس، ليبدأ تحدي جديد أمام الدولة المصرية وهو وضع سيناريوهات لأزمة اختفاء الضابط والعمل على تحريره إذا كان حيا والقضاء على الإرهابيين للثأر لشهداء الوطن، ثم العمل على منع تكرار ما حدث والاستفادة من هذا الدرس.
وسريعا انطلقت أكبر وأضخم عملية بحث ورصد وتتبع باستخدام كل الطرق والوسائل المتاحة البدائية والتكنولوجية في الأرض والجو السماء، بالإضافة إلى وضع خطة محكمة لبحث كل الاحتمالات والعمل في كل الاتجاهات دون إهمال أي منها مهما كان بسيطا.
وكان التحدي الأكبر هو سيناريوهات اختفاء الحايس، هل مازال حيا أم أنه استشهد ودفنه الإرهابيون في مكان سري لإثارة أزمة طويلة الأمد وإشغال القوات بالبحث عنه واستغلاله كورق لتشوية سمعة مصر.
وإذا كان حيا ماذا سيحدث له هل سيخرجونه خارج مصر إلى معاقلهم الرئيسية في ليبيا، لتصوير أفلام واستغلاله دعائيا، أم سيقتلونه في مشهد سينمائي مثلما حدث مع الطيار الأردني معاذ الكساسبة، ومثلما فعلوا مع 21 مصريا قبطيا ذبحوهم في سرت، أم سيجعلونه يخرج ليهين مصر والشعب المصري ويعلن الانشقاق ويشكك العالم والمصريين في أجهزتهم الأمنية.
وكل هذه السيناريوهات كانت تمثل تحدي خطير أمام متخذ القرار المصري، لذلك كان الهدف الرئيسي هو محاصرة المنطقة ومنع الإرهابيين من التحرك بعيدا وهو ما تم بالفعل.
البحث في السماء والأرض
لكن الأمور اتضحت تماما أمام متخذ القرار بعد التأكد من أن الضابط الحايس مازال على قيد الحياة وأنه بقبضة الإرهابيين يجوبون به دروب الصحراء بحثا عن ملاذ أمن وفي سبيلهم للخروج من مصر إلى ليبيا.
وبدأت الاجتماعات على أعلى مستوى وبين قيادات عليا في عدة أجهزة على رأسها الجيش والمخابرات العامة والمخابرات الحربية والشرطة بقطاعاتها المختلفة.
وجرى في البداية تدارس العملية السابقة والأخطاء التي وقعت فيها الأجهزة والتي ادت إلى سقوط شهداء الواحات، وتم العمل بتنسيق وتناغم تام بين جميع الجهزة على ان تبدأ الماحقة والتتبع والرصد ثم يكون التدخل لانقاذ الضابط حيا وتصفية العناصر الإرهابية.
وسخرت مصر كل إمكانياتها، وهي بالمناسبة جبارة وغير محدودة، فكانت الاستعانة بالطرق البدائية مثل قصاصي الأثر وخبراء الدوب الصحراوية من سكان الصحراء الغربية.
وتم استخدام أحدث وسائل التكنولوجيا في المراقبة الجوية المستمرة على مدار الساحنة بطائرات تجسس وطائرات بدون طيار، ثم أجهزة الحرب الالكترونية التي رصدت كل المكالمات الهاتفية حتى التي تتم بالأقمار الصناعية، وتم أيضا الاستعانة بأقمار صناعية لرصد وتتبع الإرهابيين وتحديد أماكنهم ومعرفة من يوجههم ومن يتصلون به في الداخل والخارج.
وكانت الملحمة متكاملة وتظهر عظمة مصر وجيشها وأجهزتها ونجاح عمليات التحديث والتطور التي تم اعتمادها والعمل عليها خلال السنوات القليلة الماضية، لتعزيز نظرية الأمن المصري، ووضع مفهوم جديد لصياغة الأمن القومي في كل مكان.
الجيش الطائر ونظرية الأمن الجديدة
ولأن مصر بدأت منذ فترة العمل على نظريات أمنية جديدة تمتد إلى المحيط الحيوي والاستراتيجي للدولة خارج حدودها، مع التركيز على السيطرة الكاملة على كل المناطق داخل الحدود والانتقال الأمني والعسكري إليها بالقوات الكافية والمدربة والمتنوعة في زمن قياسي.
وهو ثمار عمل الرئيس عبدالفتاح السيسي، إبان توليه وزارة الدفاع، عندما أصر على تأخير إعلان ترشحه للرئاسة وتركه وزارة الدفاع قبل استكمال إنشاء القوات المحمولة لتصبح مصر أول قوة في أفريقا والشرق الأوسط، ومن القوات القليلة في العالم، التي تمتلك جيشا كاملا طائرا ومحمول جوا أو (مجوقلا) قادر على الانتشار في كل ربوع مصر في ساعات قليلة والمعروفة باسم (قوات التدخل السريع).
وهو ما تأكد من الحادث الأخير حيث انتقلت قوات الصاعقة وقوات الأمن تحت مظلة جوية كاملة من عدة انواع مختلفة من الطائرات لتلاحق وتطارد الإهابيين وتتمكن من القضاء عليهم.
مع اتخاذ كل التدابير اللازمة لمواجهة كل المفاجآت، فكانت طائرات الاستطلاع تصور وترصد كل حركة، وطائرات بدون طيار على مدار الساعة جاهزة للتدخل ثم مقاتلات حديثة ومروحيات هجومية وقوات برية على أعلى مستوى تعمل معا في تناغم تام.
فنجحت قوات الصاعقة في التحرك السريع الخاطف (خفيف الحركة) لمحاصرة الإرهابيين وتحرير الضابط، ثم تدخلت القوات الجوية لتصفية البقية والقضاء عليهم بأسلحتهم الخفيفة والمتوسطة والقذائف الصاروخية التي كانوا يحملونها.
وكانت وزارة الداخلية في قلب الحدث ورجال الشرطة والبحث وجمع المعلومات حاضرة بقوة.
وقال المتحدث العسكري تامر الرفاعي على صفحته في “فيسبوك” إن الداخلية كانت مصدر المعلومات الرئيسية التي تحركت على أساسها القوات.
وأضاف “بناء على معلومات مؤكدة بالتعاون مع عناصر وزارة الداخلية عن أماكن اختباء العناصر الإرهابية التي قامت باستهداف قوات الشرطة على طريق الواحات”، هاجمت القوات الجوية العناصر المختبئة على طريق الواحات بإحدى المناطق الجبلية غرب الفيوم.
وأسفرت الضربات عن تدمير 3 عربات دفع رباعي محملة بكميات كبيرة من الأسلحة والذخائر والمواد شديدة الانفجار، والقضاء على عدد كبير من العناصر الإرهابية