إندبندنت: في اليمن وسوريا وليبيا.. مخاوف من وقوع كوارث بسبب كورونا
نشرت صحيفة “إندبندنت” تقريرا لمراسلتها بيل ترو، تساءلت فيه عن الأثر الذي سيتركه انتشار فيروس كورونا على سوريا واليمن وليبيا التي تعيش ويلات الحرب.
وفي مقابلات أجرتها مع عدد العاملين في القطاع الطبي والجمعيات الخيرية، حذروا فيها من مخاطر أزمة انسانية كبيرة لو انتشر الفيروس.
وتقول الكاتبة إن الأنظمة الصحية في أوروبا تعرضت للشلل بسبب حجم الأزمة التي نجمت عن حالات الإصابة بكوفيد- 19، وبالتالي فإن دول الشرق الأوسط التي دمرتها الحرب تحضر نفسها للكارثة.
وأخبر الأطباء والعاملون بالخدمات الإنسانية في كل من سوريا واليمن وليبيا الصحيفة أنهم لا يستطيعون وقف انتشار الفيروس القاتل، وأن الأنظمة الصحية “مكشوفة وعرضة للخطر” من الأزمة المقبلة. وعبروا عن مخاوفهم من تعرض الناس الضعاف من مخاطر الموت في الأماكن التي دمرت الحرب الأنظمة الصحية فيها وقطعت خطوط الإمدادات الطبية وسمحت للمجاعات والكوليرا بالتغلغل بين السكان.
وتقول إن الإجراءات الوقائية تعتبر مستحيلة للناس الذين فروا من مناطقهم ويعيشون في مخيمات مكتظة بدون ماء أو مطهرات لتنظيف الأيدي.
وتضيف أن سوريا التي دخلت الحرب فيها عامها العاشر بدون أن تتوصل فيها الأطراف لحل سلمي، ويحتاج حوالي 11 مليون نسمة إلى مساعدات إنسانية للنجاة في ظروف الحرب الصعبة، فيما لا يستطيع 8 ملايين نسمة بدون وسائل حقيقية للحصول على الطعام.
وأشارت إلى أن منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان، تقول إنها وثقت منذ بداية الحرب عام 2011، 595 هجوما على 300 مستشفى في كل أنحاء البلاد ومعظمها هاجمها الطيران التابع لحكومة بشار الأسد والطيران الروسي والجماعات الموالية لإيران. ولم يتم إصلاح معظم هذه المؤسسات الطبية خاصة تلك التي تقع في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة.
وبحسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية، فلا يعمل إلا نصف المنشآت الطبية في سوريا. وأعلنت سوريا عن حالة وفاة ثانية بكوفيد- 19 يوم الإثنين. فيما وصفت الأمم المتحدة الإعلان بأنه “طرف كرة الثلج”، وربما كانت الحالات أعلى.
وقال العمال الصحيون في سوريا إن هناك حالات إصابة لم يتم الإعلان عنها. وأعلنت الحكومة عن فرض منع التجول في المناطق التابعة لها، وبدأت حملة فحص، إلا أنه من الصعب تطبيق هذا في بقية سوريا.
وتعتبر منطقة إدلب، في شمال- غرب سوريا من المناطق المثيرة للقلق، ذلك أن 4 ملايين نسمة يعيشون فيها، شُرّد منهم مليون في العام الماضي نتيجة للهجوم الذي شنته القوات التابعة للنظام. ويعيش معظمهم في مخيمات أو بيوت مؤقتة وبدون أن تتوفر لهم الظروف الصحية المناسبة.
ويقول ريان كوتيشي إن عام 2019 شهد 40 هجوما ضد المستشفيات “فهي مكشوفة وعرضة للخطر وتستعد لمواجه الكارثة التي ستتكشف”. وفي الوقت الذي بدأت فيه منظمة الصحة العالمية بتوفير معدات الفحص في المناطق التابعة للمعارضة، لم يكوّن الأطباء صورة عن انتشاره إلا في الاسبوع الماضي.
ونقلت الصحيفة عن منظمة اللاجئين الدولية قولها إن ثلاثة أشخاص على الأقل ماتوا في إدلب بأعراض تشبه كوفيد- 19 وتم حجر عدد من المرضى.
وبحسب مرام الشيخ، وزير الصحة في الحكومة المؤقتة، فلا يوجد إلا جهاز تنفس واحد لكل 26.500 شخص، و”لا قدرات طبية على الإطلاق” لمعالجة مرضى الفيروس.
وأضافت” “لدينا أكثر من مليوني نازح يعيشون في المخيمات” و”لدينا 65 مستشفى و200 سرير للعناية المركزة و150 جهاز تنفس لخدمة 4 ملايين نسمة”. وقالت إن الحكومة فرضت بعض القيود مثل منع السفر إلى تركيا التي مات فيها أكثر من 200 شخص من الفيروس وسجلت 13.500 حالة إصابة. إلا أنها تحدثت عن ضرورة تعقيم المدارس والجامعات والأسواق و”نحن بحاجة إلى حملة توعية، لا يعرف الناس ما هو قادم إليهم”.
وفي إدلب منعت السلطة فيها التي تدعمها هيئة تحرير الشام الأسواق المفتوحة خوفا من فيروس كورونا، إلا أن الأطباء عبروا عن قلقهم. وقال حسن حمدي، الطبيب في إدلب، إن مستشفاه بدون غرفة عناية مركزة، و”كل ما لدينا هي عبوات أوكسجين ومسكنات ولا تستطيع محاربة المرض بهذا الشكل”.
وفي مناطق الأكراد، شمال- شرق سوريا، تقول السلطات الصحية إنها لا تملك أجهزة اختبار لكوفيد- 19 ولا يمكنها رسم صورة عن مدى انتشاره.
وأعلنت قوات سوريا الديمقراطية والولايات المتحدة الانتصار على تنظيم “الدولة”، ولا تزال تحتفظ بحوالي 10 آلاف مقاتل من التنظيم في سجونها، بالإضافة لعشرات الآلاف من أفراد عائلات التنظيم في مخيمات تظل في خطر من وصول الفيروس إليها.
ويقول مركز روجافا للمعلومات في المنطقة، إن الأطباء يعتمدون على حلول مؤقتة لمعرفة حجم انتشار المرض، ومن خلال فحوص الملاريا وفحص الحرارة لبناء صورة عن انتشار الفيروس. وأدى تناقص الإمدادات بعد إغلاق الأمم المتحدة بضغط روسي، قناة المساعدات إلى شرق وشمال سوريا، لعرقلة جهود الرد على فيروس كورونا. ويقول الأطباء إن لديهم معدات واقية لـ100 مريض فقط. وقالت رابرين حسن المسؤولة الصحية في منطقة شمال- شرق سوريا: “لا نستطيع الحصول على الإمدادات من أي مكان ولا تتعاون معنا منظمة الصحة العالمية والحدود مغلقة”.
وأكدت نيما سعيد ممثلة المنظمة في سوريا، إنها تعمل على توفير مخابر فحص لمنطقة شمال- شرق سوريا. وهناك مخاوف من انتشار الفيروس في السجون المكتظة.
ويعيش في مخيم الهول أكثر من 70 ألف شخص من المتعاطفين وعائلات تنظيم “الدولة” والذين ينظمون احتجاجات. ولا يمكن عزل وحجر أي شخص في المخيم. وفي منطقة دير الزور هناك تقارير غير مؤكدة عن انتشار الفيروس وسط القوات القادمة من إيران التي تواجه أزمة انتشار لكوفيد- 19.
وقال الصحافي السوري محمد حسن، إنه سمع عن 60 حالة فيروس كورونا بين عناصر جماعات موالية لإيران وتم حجرهم في مستشفى الشفا قرب الحدود السورية- العراقية. وقال عاهد الصحافي بالمنطقة، إن زوارا شيعة من العراق وإيران لا يزالون يتدفقون على مزار قريب من الحدود مع العراق، وربما نشروا الفيروس.
** ليبيا
وفي ليبيا تقول ترو، إن السلطات هناك تحاول البحث عن طرق لاستيراد المعدات الطبية للعاصمة طرابلس المحاصرة من قوات خليفة حفتر.
وتم تأكيد ثماني حالات إصابة في ليبيا ولم يعلن عن وفيات، ولكن حكومة الوفاق الوطني ينقصها أجهزة الفحص.
وأخبر مسؤول في الحكومة الصحيفة أن الطواقم الطبية ليست مدربة للتعامل مع الوباء وهي منهكة بسبب استمرار وصول الجرحى نتيجة الغارات اليومية التي يشنها الطيران الداعم لحفتر.
وقال المسؤول: “المشكلة الأخرى أننا بلد منقسم، ولدينا وزارتا صحة، واحدة في طرابلس والثانية في الشرق”. و”سيكون من الصعب هزيمة فيروس كورونا لو لم نسق الجهود وإذا استمرينا في قتال بعضنا البعض”.
وقالت منظمة الهلال الأحمر الليبي إنها تبرعت بالمعدات الواقية والقفازات المطاطية إلى مستشفيات طرابلس توقعاً لوصول حالات إصابة بكوفيد- 19.
وقال أحد العاملين في الهلال الأحمر أسد جعفر: “يجب علينا التعامل مع جرحى المعارك بأجهزة واقية خشية الإصابة، إلا أننا تبرعنا بما لدينا لحالة الطوارئ بسبب كوفيد- 19”.
ويواجه اللاجئون والمهاجرون في البلد مخاطر الإصابة بالفيروس. وتعتبر ليبيا المعبر الرئيسي إلى أوروبا. وحاول أكثر من 180 ألف مهاجر دفع أموال للمهربين كي يساعدوهم بالرحلة إلى أوروبا. وفي ظل القيود والملاحقة، لم يعد الكثير من المهاجرين قادرين على العبور، ولا يزال عدد كبير منهم في ليبيا.
وقالت صفا صالح المسؤولة في منظمة الهجرة الدولية، إن هناك 1500 مهاجر لا يزالون في مراكز اعتقال الحكومة. و”أكثر شيء يثير قلقنا هي مراكز الغحتجاز غير الرسمية التي تديرها الميليشيات والمهربون وظروفها بائسة”.
** اليمن
وفي اليمن الذي يشهد حربا بين الجماعة الحوثية المدعومة من إيران والتحالف السعودي، لم يتم تسجيل حالات إصابة بفيروس كورونا، وهذا ليس بسبب الفحص، ولكن لأنه غير متوفر.
ولا يمكن للبلد الحصول على المساعدات الإنسانية والطبية بسبب الحصار الذي فرضه التحالف. ويقول الأطباء والعاملون في المنظمات الخيرية إن المسألة هي مسألة وقت قبل اكتشاف حالات إصابة. وأدت الحرب الدائرة منذ خمسة أعوام لأكبر كارثة إنسانية في العالم. وتحتاج نسبة 80% من سكان اليمن للمساعدات الإنسانية. وتقف نسبة ثلثي البلاد خطوة واحدة بعيدا عن المجاعة.
وبسبب الحرب، شهد اليمن اندلاع موجات كوليرا كان يمكن منعها، مما يجعل سكانه عرضة لفيروس كورونا. وقالت منظمة أوكسفام البريطانية الأسبوع الماضي، إن هناك 50 حالة كوليرا تظهر كل ساعة، كل هذا بسبب عدم توفر مياه الشرب الصحية. وفي هذه الظروف يمكن للفيروس الانتشار بسرعة.
وفي تقرير لمجموعة “يمن داتا بروجيكت” وجد أنه خلال خمس سنوات من الحرب، قصف التحالف السعودي المستشفيات والعيادات 83 مرة، وقتل 95 مدنيا وجرح 16 آخرين.
ويقول كوتشي من منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان: “المنظور قاتم واليمنيون عرضة للخطر أكثر من الآخرين بالمنطقة”.
ووثقت المنظمة مع منظمة مواطنة، الدمار الذي أصاب القطاع الطبي. ويقول العاملون الطبيون إنهم لا يملكون المعدات لمعالجة الجرحى ومرضى الكوليرا وفقر التغذية حتى يكونوا في وضع لمكافحة فيروس كورونا.
وقالت أشواق محمد، الطبيبة في الحديدة المحاصرة: “ليس لدينا معدات إضافية مثل أجهزة واقية ولا أجهزة تنفس” و”ليس لدينا مكان للعزل أو الحجر، ولا يستطيع الناس الحصول على الطعام وهناك مناطق واسعة بدون مياه صالحة للشرب” و”اكتشفنا حالة كوفيد- 19 واحد فستتحول إلى وباء حالا”.