إضراب عام يشل لبنان في اليوم الـ27 للانتفاضة
في اليوم السابع والعشرين على إنطلاق انتفاضة 17 تشرين الأول، والتزاماً بالإضراب العام الذي دُعي اليه اليوم والعودة إلى اقفال الطرقات، قطعت طرقات ضمن نطاق طرابلس وعكار وأحرقت الاطارات على اوتوستراد البحصاص ووضعت الأتربة مقابل شركة قاديشا للكهرباء وسط انتشار الجيش.
وفي صيدا، لم تشهد المدينة اي قطع للطرقات، فيما اقفلت كافة المدارس والجامعات ابوابها، وعمد عدد من المحتجين ليلاً على وضع ملصقات على عدادات وقوف السيارات Park Meter لمنع الدفع .واقفل متظاهرون شركة كهرباء صيدا، كما توجّه عدد منهم إلى شارع رياض الصلح في المدينة وعمدوا إلى اقفال محال الصيارفة احتجاجاً على رفع سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية.
وفيما شهد القطاع المصرفي اضراباً حفاظاً على الموظفين، قام تجمّع اصحاب محطات الوقود في لبنان بإقفال أبواب شركات تسليم المحروقات في لبنان في مراكز الجية والدورة والضبية وعمشيت وطرابلس، احتجاجاً على تسليمهم المحروقات بالدولار، مطالبين بتسليمهم بالليرة اللبنانية. ووزعوا اوراقاً كتب عليها: «بدنا بالليرة اللبنانية». كذلك، نفّذ موزعو المحروقات وقفة احتجاجية على الطريق البحرية في الدورة ما ادى إلى زحمة سير. وفي منطقة العدلية، اجتمع عدد من الناشطين امام قصر العدل في بيروت مقفلين مداخله «دعماً لاستقلالية القضاء والضغط على السلطة السياسية للبدء بالاستشارات النيابية». ووقع أكثر من إشكال بين المعتصمين وعدد من المحامين الذين كانوا يحاولون الدخول إلى بيت المحامي، وعمد أحد المحامين إلى دفع متظاهرة.
بلبلة
وبعد البلبلة اعلن امين سر نقابة المحامين جميل قمبريس، ان بيت المحامي ليس مرفقاً عاماً ولا علاقة له بقصر العدل بل هو فقط للمحامين الذين هم مع الثورة. وقال متوجهاً إلى المتظاهرين «نعتذر عن أي خطأ حصل»، مطالباً بفكّ الحصار عن بيت المحامي «لانو الكن ومنكن». والى ساحة رياض الصلح ، نظّم اطباء وممرضو مستشفى الجامعة الامريكية في بيروت تظاهرة، بزيّهم الأبيض.
وفي زحلة تجمّع عدد من الطلاب امام سراي زحلة مانعين الموظفين والمواطنين من الدخول إلى السراي لانجاز معاملاتهم، في ظل انتشار لعناصر الجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي. وحمل المحتجون الاعلام اللبنانية مرددين هتافات حماسية. وفي عرسال، جابت تظاهرة حاشدة شوارع البلدة، شارك فيها طلاب المدارس والمعاهد الخاصة والرسمية واهالي البلدة والقرى المجاورة، رافعين الأعلام اللبنانية ومطالبين «بالإسراع بالإستشارات النيابية لتسمية الرئيس المكلف تشكيل الحكومة وإقامة دولة قوية وقادرة تقف بجانب شعبها واساسها العدل والمساواة».
على خط تأليف الحكومة، بقيت المشاورات مركّزة على صيغتين حكوميتين : الأولى تكنوقراط مستقلّة تضمّ اصحاب الاختصاص والخبرة وبعيدة كل البعد عن الأحزاب السياسية، يتمسّك بها الرئيس سعد الحريري ومعه حزب «القوات اللبنانية» والحزب «التقدمي الاشتراكي»، والثانية تكنوسياسية تجمع بين وزراء بصبغة سياسية «غير نافرة» يعكسون التوازن القائم في مجلس النواب الذي أفرزته الانتخابات النيابية الاخيرة ووزراء مستقلّون يمثّلون الحراك الشعبي على أن يكون الحريري رئيساً لهذه الحكومة إلا أن الاخير مصرّ على موقفه الرافض «لاستنساخ» تجربة الحكومة السابقة.
تزامناً، دعا المنسق الخاص للامم المتحدة في لبنان يان كوبيتش بعد لقاء سفراء مجموعة الدعم الدولية للبنان مع الرئيس اللبناني ميشال عون «القيادة اللبنانية إلى تكليف رئيس مجلس الوزراء بصورة عاجلة والبدء بعملية الاستشارات النيابية الملزمة والاسراع إلى اقصى حد في عملية تشكيل حكومة جديدة من شخصيات معروفة بكفاءتها ونزاهتها وتحظى بثقة الناس». وجاء في بيان للمنسقية «أن الرئيس عون أطلع المشاركين على الوضع السياسي والاقتصادي الحالي في لبنان وعن اسبابه الجذرية. وحدّد الطريق المتوخى للمضي قدماً، خصوصاً في ما يتعلق بتشكيل الحكومة الجديدة قريباً من خلال عملية الاستشارات النيابية الملزمة. كما طلب دعم المجتمع الدولي في التعامل مع الوضع الاقتصادي والإصلاحات بالإضافة إلى عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.
واستذكر كوبيش «كلمة رئيس الجمهورية في 31 تشرين الأول 2019، التي دعت إلى أن يكون الاعتبار الوحيد للحكومة الجديدة هو تلبية تطلعات الشعب وأن تحظى بثقته أولاً قبل ثقة مجلس النواب، بهدف استعادة ثقة الناس بدولتهم وان يتم اختيار الوزراء بناءً على الكفاءة».
تدابير عاجلة
ودعا «القيادة اللبنانية إلى تكليف رئيس مجلس الوزراء بصورة عاجلة والبدء بعملية الاستشارات النيابية الملزمة والاسراع إلى اقصى حد في عملية تشكيل حكومة جديدة من شخصيات معروفة بكفاءتها ونزاهتها وتحظى بثقة الناس. تلك الحكومة، التي ستتشكل تماشياً مع تطلعات الشعب وبدعم من أوسع مجموعة من القوى السياسية من خلال التصويت على الثقة في مجلس النواب ستكون ايضاً بوضع أفضل لطلب الدعم من شركاء لبنان الدوليين».
وأكد «أن مصلحة لبنان الوطنية ووحدته يجب أن تكون فوق كل اعتبار. كما أن الحماية المستمرة للمدنيين الذين يتظاهرون سلمياً من قبل القوى الأمنية وايضاً ضد المحرضين والحفاظ على القانون والنظام وعمل الدولة واقتصادها دون استخدام القوة والعنف هي المسؤولية الرئيسية لقيادة لبنان وقواته الأمنية والوسيلة الوحيدة لضمان السلم الاهلي والوحدة الوطنية».
وأشار كوبيتش «الى ضرورة أن تعطي السلطات الأولوية لتدابير عاجلة للحفاظ على الاستقرار النقدي والمالي والاقتصادي للبلد وكذلك وضع الإصلاحات الضرورية والحكم الرشيد وإنهاء الفساد والمساءلة دون الإفلات من العقاب على المسار الصحيح والسريع بطريقة شفافة. والى إن الوضع المالي والاقتصادي حرج ولا يمكن للحكومة والسلطات الأخرى الانتظار لفترة أطول لبدء معالجته، بدءًا من الإجراءات التي ستمنح الناس الثقة وتضمن أن مدخراتهم المشروعة لمدى الحياة آمنة وبحيث يمكنهم مواصلة حياتهم الطبيعية. وإن الغياب المستمر للعمل التنفيذي والتشريعي يزيد من تفاقم الأزمة، ويساهم في عدم الاستقرار الاجتماعي».
وختم « أن الأمم المتحدة مستعدة لتقديم الدعم العاجل والخطوات والإجراءات الطويلة الأمد التي تساهم في مكافحة ومنع الفساد وتعزيز الحكم الرشيد والمحاسبة وتساهم في النمو الشامل وخلق فرص عمل للتوصل إلى النمو المستدام والاستقرار في لبنان الذي يعطي الأولوية لحاجات الناس وهمومهم ولسكانه الشباب ولنسائه. وان الأمم المتحدة تبقى ملتزمة بدعم لبنان واستقلاله السياسي وعدم التدخل في شؤونه الداخلية ووحدته واستقراره وسيادته وسلامة أراضيه».
الى ذلك، باشر مدير دائرة الشرق الاوسط وشمال افريقيا كريستوف فارنو بتكليف من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون زيارة إلى بيروت للقاء كبار المسؤولين والدفع في تجاه تعجيل الاستشارات وتأليف الحكومة.