إضراب الأسري الفلسطينيين ما بين الأوامر السياسة والأمن في إسرائيل
اضراب السجناء الأمنيين عن الطعام انتهى الأسبوع الماضي باتفاق مع إسرائيل وبدون أحداث خارجة عن المألوف. ولكن في مصلحة السجون هناك من ينتقدون الطريقة التي تصرفت بها مصلحة السجون في الأسابيع الأخيرة مع التوتر مع سجناء حماس. حسب مصادر في الأجهزة الأمنية التي تحدثت مع «هآرتس» فإن القائم بأعمال مفتش مصلحة السجون، آشر فاكنن، صمم على إدارة معركة مواجهة مباشرة مع أعضاء حماس، حسب سياسة وزير الأمن الداخلي السابق جلعاد أردان وخلافاً لموقف رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. حسب أقوال أحد المصادر فإن دليلاً على سلوك فاكنن الخاطئ يمكن إيجاده في أن نتنياهو صادر في نهاية المطاف من سلطة السجون إدارة الاتصالات مع السجناء ونقلها إلى الشاباك. مصادر أخرى أضافت بأن هذه الخطوة تسببت بالشعور بالخضوع لحماس.
حسب المصادر في جهاز الأمن، «روح القائد» الذي يقود اردان هو أنه يجب المس بظروف حياة السجناء الأمنيين بقدر الإمكان. بتأثيره قالوا، قرر فاكنن عدم التحدث معهم وحتى تهيئة مصلحة السجون لإضراب طويل المدى، بما في ذلك فحص إمكانية التغذية القسرية. «لقد سعى إلى المعركة، وتجاهل المعلومات الاستخبارية، وكان يمكنه قيادة كل المنطقة إلى التصعيد»، قال مصدر أمني، وأضاف: «منذ اللحظة الأولى تصرف وكأننا ذاهبون إلى حرب مع السجناء، في حين أنه تجاهل أن الجهاز السياسي معني بالتوصل إلى تهدئة مع حماس. السجناء فهموا ذلك واستغلوا الفرصة». في المستوى السياسي خافوا من أن اشتداد الإضراب سيؤثر على المناطق الفلسطينية ويفشل الاتصالات حول التسوية في غزة بوساطة مصر. في أعقاب ذلك، مصلحة سجون فاكنن الذي أدار بنجاح معالجة الإضراب عن الطعام الذي قاده البرغوثي في 2017، دفعت إلى الهامش.
تدهور العلاقة بين مصلحة السجون والسجناء بدأ مع قرار وضع أجهزة التشويش للهواتف المحولة في أقسام سجناء حماس، التي كان يمكنها أن تمنع إجراء المكالمات الهاتفية. مصلحة السجون واردان قرروا القيام بذلك في نهاية السنة الماضية، عندما وصلت التكنولوجيا إليهم بهدف قطع المحاولات لتنفيذ عمليات من وراء جدران السجون، بالأساس عمليات الاختطاف بغرض المساومة على إطلاق سراح سجناء. قرار تركيب أجهزة التشويش بشكل علني في أقسام سجناء حماس اعتبر استفزازاً متعمداً، ما أدى إلى تدهور كبير شمل إحراق قسم في سجن رامون، والذروة كانت بطعن ضابط في سجن كتسيعوت على أيدي نشطاء حماس.
السجين الذي قام بالطعن، وهو من نشطاء حماس من مخيم جنين للاجئين الذي يقدم للمحاكمة الآن، كان سينهي في السنة القادمة 19 سنة في السجن. في جهاز الأمن وفي مصلحة السجون اعتبروا ذلك شهادة على استعداد حماس للتوجه نحو النضال غير المتهاون. حسب أقوال المصادر، فإنه رغم أن مخابرات مصلحة السجون حذرت مسبقاً من ذلك، إلا أنهم في مصلحة السجون استمروا في سياسة الاستفزاز ضد سجناء حماس. «العنوان مكتوب على الحائط»، قال مصدر أمني، «في نهاية المطاف ماذا يفهم السجناء؟ أن العنف يؤدي إلى نتائج.
في المقابل، في مصلحة السجون تجاهلوا محاولة شخصيات كبيرة في قيادة السجناء التوصل إلى تسوية في ذروة الأزمة. قوات معززة تم نقلها إلى السجون التي كانت في حالة تأهب، واردان وفاكنن أعدا الأجهزة المختلفة لإخلاء عام للسجناء. حسب مصدر أمني، في أحد النقاشات في الموضوع سمع رئيس الحكومة للمرة الأولى بأن مصلحة السجون قامت بتركيب أجهزة التشويش في سجن رامون. في حين أنهم في الجيش والشباك كانوا يخافون من أن إدخال السجناء إلى القسم الذي وضعت فيه أجهزة التشويش سيؤدي إلى التصعيد. في أعقاب موقف اردان ومصلحة السجون صادق نتنياهو على العملية، وهو الأمر الذي أدى بعد بضع ساعات إلى إحراق كل القسم. في الممارسة العملية لم يحدث إضراب عن الطعام في السجون، والسجناء الذين أعلنوا عنه أكلوا سراً.
المسؤولون عن التحادث مع كبار نشطاء حماس، من خططوا العملية في فندق «بارك»، عباس السيد ومهند شريم، ومخطط عملية مقهى «مومنت» في حرم الجامعة العبرية في القدس، محمد عرمان-هم رئيس وحدة الاستخبارات في مصلحة السجون يوفال بيتون وشخصية رفيعة المستوى من الشاباك في لواء القدس. إسرائيل رفضت طلب إزالة أجهزة التشويش، لكن الاتفاق مع السجناء شمل إدخال هواتف عامة إلى الأقسام. خلال سنوات كثيرة عارضوا في مصلحة السجون بصورة شديدة هذه الخطوة. بعد أن أوضحوا في الشاباك أنه يمكنهم مراقبة المكالمات، هذه العملية خرجت إلى حيز التنفيذ. ولكن بسبب المعارضة الثابتة لمصلحة السجون حتى وقت متأخر، فإنها اعتبرت مساً بمكانة السجانين. إضافة إلى ذلك، قال مصدر أمني إن الانجاز الحقيقي للسجناء يكمن في أنهم أداروا الأزمة مع الشاباك وليس مع السجانين.
«خطأ فاكنن هو أنه لم يعرف الفرق بين إضراب نشطاء فتح وإضراب نشطاء حماس»، قال مصدر أمني، «سجناء حماس يؤثرون على الأرض بصورة مطلقة. ولم تكن هناك مرة واحدة حللت فيها مصلحة السجون بمنظار أوسع يشمل كل المنطقة». حسب مصادر عديدة، فاكنن أصدر رسالة للسجانين قال فيها إنه «تقرر» إدخال هواتف عامة إلى الأقسام، وهذه صياغة جرت استغراباً في مصلحة السجون لأنها اعتبرت خطوة فرضت على المصلحة من الخارج. «هو تقريباً قاد كل المنطقة إلى تدهور أمني خلافاً لموقف رئيس الحكومة»، قال مصدر أمني.
حسب أقوال مصادر فلسطينية، فإن شهادة أخرى على هبوط مكانة مصلحة السجون يمكن إيجادها في أنه بعد بضع ساعات من اتخاذ قرار نقل زعيم قيادة حماس، عباس السيد، إلى العزل لأنه تحدث مع رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية، تم نقله من هناك إلى سجن ايشل، الذي يخلو من أجهزة تشويش للهواتف. حسب تقديرات في جهاز الأمن، القسم الثاني لمشروع أجهزة التشويش والذي كان يمكن أن يخرج إلى حيز التنفيذ في شهر حزيران، لن يتم تطبيقه.
إلى جانب السجناء الأمنيين، ثمة أزمة مالية شديدة تهدد مكانة مصلحة السجون في هذه الأثناء، وفي هذا الجسم يعزون ذلك إلى الرئيسة السابقة للمصلحة عوفرا كلينغر: مؤخراً تبين أنه حدث نقص بـ 200 مليون شيكل في ميزانية المصلحة في أعقاب ترقية مئات السجانين في السنوات الأخيرة. في أعقاب ذلك يتوقع في مصلحة السجون إلغاء 100 وظيفة، ويبدو أن هناك وظائف ستوحد، ومستوى النشاط في عدد من السجون سينخفض، الأمر الذي سيؤثر على أجور الموظفين. أيضاً رتب القيادة على السجون ستخفض وسيتم إلغاء وظائف كثيرة. في جزء من النقاشات تم الحديث عن احتمال إغلاق عدد من منشآت مصلحة السجون.
مع ذلك، يتوقع من مصلحة السجون أن تلبي طلبات المحكمة العليا بخصوص الاكتظاظ في غرف السجناء. وحسب التقديرات فإن مصلحة السجون ستوفر حتى نهاية الشهر لكل سجين الحد الأدنى من حيز العيش الذي حدده القضاة، 3 أمتار مربعة. هذا الوضع يتوقع أن يتحسن في أوساط السجناء الأمنيين بعد إدخال الخيام إلى سجن كتسيعوت التي حلت مشكلة الاكتظاظ. مع ذلك، يعتبر هذا حلاً مؤقتاً. وفي مصلحة السجون يفحصون إمكانيات أخرى.
من مكتب الوزير اردان جاء أن «الحديث يدور عن عدد من الأكاذيب والهراء الذي يدل على بؤس من قالها. مشروع أجهزة التشويش الذي بادر إليه الوزير اردان انطلق بدعم من جميع الأجهزة الأمنية، وعطاءات وضعها في أقسام السجناء الأمنيين نشرت قبل سنتين في فترة المفتشة كلينغر. لا توجد أي صلة لـ «روح الوزير» أو أي اختراع كاذب آخر. في النقاش الذي جرى لدى رئيس الحكومة مؤخراً أشار رئيس الحكومة إلى أهمية المشروع والحاجة إلى مواصلة «تنفيذه». وجاء أيضاً أن «فحصاً بسيطاً كان سيظهر أن إدارة المفاوضات لم يتم نقلها إلى الشاباك، بل كان هناك طاقم مفاوضات مشترك بين مصلحة السجون والشاباك بقيادة مصلحة السجون».
وحول التقليصات في مصلحة السجون جاء أنه «في السنة الماضية تم توقيع اتفاقي أجور كبيرين سيحسنان أجرة السجانين والعاملين في مصلحة السجون. للأسف، وزارة المالية قلصت رداً على هذه الاتفاقات ميزانية مصلحة السجون».
من مصلحة السجون جاء أنه «بشكل عام خدمات مصلحة السجون لا تنوي الرد على أقوال جهات مجهولة. والحوار الذي نديره سيبقى في المستوى المهني أمام الجهات الأمنية الأخرى. مشروع أجهزة التشويش صودق عليه في فبراير 2017، وكل الأجهزة الأمنية أيدت هذه العملية. بعد طرح العطاءات الذي استمر سنتين، بدأت مرحلة المشروع الريادي في فبراير 2019، التي ستركب في نهايتها أجهزة تشويش في كل أقسام السجناء الأمنيين، دون صلة بالانتماء التنظيمي.
في نقاشات أمنية جرت مؤخراً عادت الأجهزة الأمنية وأيدت أهمية مشروع أجهزة التشويش وتنفيذه من قبل مصلحة السجون. كل عملية التحادث مع السجناء تديرها عناصر مصلحة السجون. وبالتأكيد إن كل عملية تنفذ داخل جدران السجن تجري بمصادقة الجهات المهنية في مصلحة السجون. في النقاشات التي جرت مؤخراً بعد انتهاء إضراب السجناء واصلت الجهات الأمنية، بما في ذلك الجيش والشاباك، الثناء على إدارة الأحداث من قبل مصلحة السجون، نؤكد على أن كل القرارات التنظيمية التي اتخذت في المصلحة تتوافق مع الهدف الرئيسي لتعزيز الأمن الوطني لدولة إسرائيل، وليس لدينا أي نية للتطرق إلى جهات مجهولة غير مطلعة على الوقائع والإجراءات العملياتية التنظيمية. المفتش فاكنن آشر يقود مصلحة السجون بمهنية وحكمة وتعاون كامل مع الجهات الأمنية منذ أكثر من ثمانية أشهر، وكل ذلك بدعم كامل من المستوى السياسي ووزير الأمن الداخلي. المفتش فاكنن شارك في كل النقاشات الأمنية التي فحصت قضية التعامل مع السجناء الأمنيين، ومواقفه بالتأكيد أسمعت وبحثت. مصلحة السجون بصفتها منظمة أمنية تعرف كيف تتلقى كل توجيه سياسي وتعمل وفقاً له. العجز المذكور في الميزانية ينبع، ضمن أمور أخرى، من سياسة التقليص الكبيرة التي فرضت على كل الأذرع الأمنية، هذا الموضوع يفحصه القائم بأعمال المفتش فاكنن والجهات المالية في مصلحة السجون. ورد مهني ومناسب سيظهر في خطة العمل التنظيمية السنوية».