إسرائيل هي العدو الحقيقي لإيران في سوريا
نشرت مجلة “ذا أتلانتك” مقالا للباحث كريم ساجدبور، يتساءل فيه عن الدور الإيراني في سوريا، والدافع للدعم الاقتصادي ومليارات الدولارات التي قدمتها إيران لنظام بشار الأسد، ليسحق المعارضة السورية، بالإضافة إلى أنها دفعت للمقاتلين الشيعة الذين جمعتهم من أفغانستان والعراق وباكستان، ودربتهم للقتال دفاعا عن نظام الأسد.
ويتساءل ساجدبور في مقاله،عن السبب الذي يدعو بلدا مثل إيران، تعرض لهجمات كيماوية، أثناء الحرب مع العراق، لأن يدعم الأسد بالوسائل والقدرات لاستخدامها، وإنكار أنه يفعل هذا الأمر.
ويجيب الكاتب قائلا إن “الدعم الثابت والمستمر للأسد لا ينبع بالضرورة من حسابات إقليمية، والمصالح المالية للجمهورية الإسلامية، ولا المعتقدات الدينية للثورة، لكن من الكراهية المتجذرة لإسرائيل، حيث قال علي أكبر ولايتي، أحد كبار مستشاري المرشد الأعلى للثورة آية الله خامنئي: (سلسلة المقاومة ضد إسرائيل، التي تقوم بها إيران وحزب الله والحكومة العراقية الجديدة وحركة حماس، تمر من خلال الطريق السوري السريع، وسوريا هي الحلقة الذهبية للمقاومة ضد إسرائيل)”.
ويقول ساجدبور إنه “طالما بقي المرشد البالغ من العمر 78 عاما في قمة هرم السلطة، فالكراهية تبرر استمرار التزام إيران بالدم والمال لدعم الأسد واستخدامه لأنواع القوة الضرورية كلها، بما فيها السلاح الكيماوي للبقاء في السلطة”.
ويرى الكاتب أن “إسرائيل، وإن لم يكن لها أي أثر على حياة الإيرانيين اليومية، إلا أن كراهية إسرائيل تعد أحد أعمدة الثورة الإسلامية الدائمة، ومهما قال أو تكلم خامنئي عن الزراعة أو التعليم فإنه يعود للحديث عن شرور الصهيونية، ففي خطاب ألقاه عام 2012 قال إن (النظام الصهيوني هو ورم سرطاني في المنطقة يجب استئصاله) وأضاف: (سندعم ونساعد أي دولة أو جماعة تقاتل النظام الصهيوني حول العالم)”.
ويجد ساجدبور أنه “نظرا لتفوق إسرائيل العسكري، فإن استراتيجية خامنئي المعلنة ليست إبادة إسرائيل على المدى القصير، بل تصفيتها سياسيا على المدى الطويل، وقال: (لو اتحد المسلمون والفلسطينيون وقاتلوا.. فإن النظام الصهيوني لن يبقى موجودا منذ 25 عاما)، ففي محاولته الانتقام من الظلم الذي يصوره، أسهم خامنئي بزيادة ظلم أكبر مارسه نظام الأسد”.
ويعتقد الكاتب أن “التحالف الإيراني مع الأسد هو دراسة في التناقضات، ففي الوقت الذي تقمع فيه الثورة الإسلامية العلمانية، يقول الأسد إن أهم شيء هو أن تظل سوريا ديمقراطية، وتسجن المرأة الإيرانية التي تتجرأ على خلع حجابها وتتعرض للعنف والسجن، فيما يحتفل مقاتلو حزب الله بانتصاراتهم في نوادي دمشق الليلية مع الراقصات”.
ويشير ساجدبور إلى أنه “في الوقت الذي تغطي فيه العواصم الأوروبية الفن العاري، الذي يعود إلى عصر النهضة؛ حتى لا يتم إيذاء الزوار الإيرانيين، فإن قوات الأسد استخدمت سلاح الاغتصاب وسيلة للقمع ضد المعارضة، وفي الوقت الذي يدعو فيه خامنئي مواطنيه لشراء المنتجات الإيرانية لدعم الاقتصاد الإيراني واعتماده على الذات، فإن المساعدات الإيرانية أسهمت في دعم أسماء الأسد -غير محجبة- للحفاظ على أسلوب حياتها: التسوق في لندن”.
ويلفت الكاتب إلى انه “منذ بداية الثورة عام 2011، سعى الأسد وإيران وبجهد كبير لقمعها، ودعم الراديكالية الإسلامية؛ من أجل هندسة وضع معقد للغرب: الأسد أو الجهاديين، مع أن طهران حاولت تصوير دورها في سوريا على أنه معركة وجودية لإيران ضد القوى الراديكالية السنية”.
وتنقل المجلة عن مدير الاستخبارات في الحرس الثوري مهدي تائب، قوله إن “سوريا هي الولاية الإيرانية رقم 35.. لو خسرنا سوريا فلن نكون قادرين الدفاع عن طهران”.
ويعلق ساجدبور قائلا: “صحيح أن انهيار النظام السوري كان سيشكل ضربة قوية للجمهورية الإسلامية، إلا أن إيران هي دولة عمرها 2500 عام دون أن تكون لديها دويلة تابعة في سوريا، فكما نجت روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، فإنها ستعيش بعد انهيار الجمهورية الإسلامية”.
ويذهب الكاتب إلى أن “محور طهران- دمشق أصبح يشبه علاقة حب متبادلة ومتفجرة، ومن أجل الحصول على الدعم الإيراني تخلى الأسد عن السيادة، وقال رئيس الوزراء السوري السابق رياض حجاب: (سوريا يحتلها النظام الإيراني.. ومن يدير البلد ليس بشار الأسد، لكن قاسم سليماني) قائد فيلق القدس، إلا أن الدعم المالي الإيراني، الذي يقدر بالمليارات، أصبح مصدر حنق من الإيرانيين، الذين احتجوا نهاية كانون الثاني/ يناير، وطالبوا الملالي بمغادرة سوريا والتفكير بهم”.
وينوه ساجدبور إلى أن “إيران استأجرت المقاتلين وأحضرتهم من أفغانستان وباكستان والعراق ولبنان، وهناك حوالي 40 ألف مقاتل شيعي في سوريا، تكبدوا خسائر بشرية خمسة أضعاف ما خسره الإيرانيون، وكانت خسائر لواء (الفاطميون) الأفغاني هي الأكبر، الذي يتكون من عمال غير شرعيين وقصر، قدم لهم الحرس الثوري عرضا لا يمكنهم رده: إقامة لمدة 10 أعوام في إيران، و800 دولار في الشهر، لو وافقوا على القتال في سوريا؛ من أجل الدفاع عن السيدة زينب قرب العاصمة دمشق، ونظرا لعدم تدريبهم، وأمية الكثيرين منهم، فإنه جرى استخدامهم قنابل بشرية في بداية الهجمات، فقال أحد المقاتلين الأفغان السابقين: (في بعض الأحيان لم تكن لدينا أي إمدادات.. لا ماء ولا خبز، جوعى وعطشى في وسط الصحراء)”.
ويقول الكاتب إن “مهمة الدفاع عن الدور الإيراني في سوريا أمام الغرب وقعت على عاتق وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، الذي ظل يؤكد أن لا قوات إيرانية في سوريا، في وقت كان الحرس الثوري يعلن مقتل ألف مقاتل هناك، وبعد كل هجوم كيماوي كان ظريف يبرئ ساحة الأسد من أي مسؤولية، وكان يذكر الغرب بدعمه لنظام صدام حسين، الذي استخدم السلاح الكيماوي، وبعبارات أخرى، فإن الأطفال السوريين ليسوا ضحايا، بل الإيرانيين، ومع ذلك كان يشجب استخدام السلاح الكيماوي من أي طرف، بشكل يمنحه صورة إنسانية في الغرب، وعندما كان يجد نفسه أمام أسئلة محرجة، فإنه كان يشير إلى أن المعارضة المدعومة من الغرب وإسرائيل هي التي استخدمت السلاح الكيماوي لا النظام”.
ويبين ساجدبور أنه “بعد سبعة أعوام من الدعم، والمليارات، والموقف الثابت من روسيا، ورغبة الرئيس الأمريكي بالخروج من سوريا، فإن إيران تشعر أنها كانت محقة في تدخلها، ولهذا تقوم ببناء قواعد عسكرية دائمة خارج العاصمة دمشق، مزودة بطائرات دون طيار”.
ويرى الكاتب أن “الغارات الأمريكية المتقطعة على النظام السوري لن تغير من حسابات إيران، بالإضافة إلى أن حديث إيران عن استخدام صدام حسين السلاح الكيماوي سيعود ويلاحقها عندما يتحدث السوريون عن تواطؤها مع النظام ضدهم”.
ويختم ساجدبور مقاله بالقول إن الغارات يوم الجمعة كشفت عن تناسق القوة بين إيران والولايات المتحدة في سوريا، ففي الوقت الذي لا يهتم فيه ترامب بسوريا، فإن معارضة آية الله خامنئي لإسرائيل لم تتزحزح منذ أربعة عقود، وسيأخذ الكراهية معه إلى قبره”.