إسرائيل تهتف “الموت لـ لاهاي” والزعيم الإيراني يضحك
تدفق الأدرينالين بقوة في الشرايين، ووصلت اليقظة الوطنية إلى عنان السماء، أما الإهانة الحارقة من جانب القوى الظلامية في العالم فأيقظت الشياطين. فبعد ثمانين سنة على ولادة “يديعوت احرونوت”، تضع الصحيفة دولة اليهود في صف واحد مع الإيرانيين والسوريين والأتراك. وقد كان العنوان الرئيس في الصحيفة أمس هو “نفاق لاهاي”، حسب تعريفها.
للوهلة الأولى شعرت بالإهانة، وها أنا أطالب باحترام إخواننا في كوريا الشمالية. علينا أن نتعلم من الصديقة الروحية لإسرائيل، نيكي هيلي، السفيرة السابقة للولايات المتحدة في الأمم المتحدة، التي تفضلت بالمقارنة بين إسرائيل وكوريا الشمالية. وفي المقابل للأسف، لا يعرف محرر الصفحة الأولى في “يديعوت” التراث العربي، وإلا لكان ذكّر المسؤولين عنه الذين هم تحت مسؤوليته بالمثل العربي الشعبي “قفز بقوة على الحمار لكنه سقط في الجانب الثاني وقال لنفسه هكذا كنت”، بالضبط هكذا، جاء مهنئاً وخرج لاعناً.
وبحسب صحيفة “هآرتس” العبرية، مع ذلك يمكننا أن نتفهم وضع المحرر المسؤول، هو منشغل بجلسات ليلية من المساومة مع بنيامين نتنياهو بهدف إغلاق “إسرائيل اليوم”. وبهذه الطريقة يحصل على مزيد من المكاسب، وهذا سيملي أسلوب “النجدة” في الصفحة الأولى في الصحيفة، الذي يخلق بحماسة هذا النوع من العناوين الغبية التي ترفع مستوى الوطنية الفارغة في أوساط الجمهور.
تلك الوطنية، التي تشبه الدهنيات في الدم عندما تتجاوز الحدود المسموحة، تتحول إلى أمر خطير. ازدياد الدهنيات لدى الإنسان تؤدي إلى الإصابة بجلطة، في حين أن زيادة الوطنية لدى الجمهور تؤدي إلى إغلاق أي نقاش منطقي. ومهاجمة محكمة الجنايات الدولية في لاهاي، تقريباً في جميع وسائل الإعلام في إسرائيل، هي صيغة مهذبة بالنسبة لما يحدث في شوارع طهران مع النداءات التهديدية التي تسمع هناك مثل “الموت لأمريكا وإسرائيل”. في الغد ربما يخرج الجمهور بتشجيع من وسائل الإعلام المثقفة هنا بنداءات إيقاعية مثل “الموت للاهاي”.
من يعرف، ربما يكون شعار “الموت للاهاي” هو الشعار الساخن في الحملة الانتخابية القادمة. وإذا تبنى حزب الوزير المسؤول عن تعليم أولادنا، عرباً ويهوداً، ايتمار بن غفير، فإن كل شيء مفتوح. وإذا تذكرنا بأن الليكود عمل، قبل عشرات السنين، على سن قانون ضد حركة كهانا، فإن الدنيا ستسود في عيوننا. الوضع تدهور إلى درجة أن “يديعوت احرونوت” تواصل طريقها: إغلاق الشرايين من زيادة الوطنية الفارغة. وسيأتي يوم يصرخون فيه بدهشة: لماذا تمرد المسخ على خالقه؟ الجواب بسيط.. لأنهم ينقلون إلى المسخ المسكين جينات مدمرة.
كان من الأفضل لو أن محرر “يديعوت” أعاد نسخ صحيفة الأمس إلى المطبعة؟ لأن العالم لو تبنى طلبه لكانت المشاكل الصعبة فقط من نصيب دولة إسرائيل. وهاكم على سبيل المثال، إيران التي تعاني من اختناق اقتصادي شديد، الأمر الذي يجعلها عالقة في كل مجالات الحياة.
كل ذلك يضاف إلى حسابات بنكية مجمدة للدولة والشخصيات الكبيرة فيها وملاحقة لشخصيات بارزة في النظام الذين لا يمكنهم التحرك بحرية في العالم.
بدلاً من أن نقول للعالم شكراً على العلاقة الدافئة والمحبة للاحتلال الإسرائيلي، الذي ينغص منذ خمسين سنة حياة ملايين الفلسطينيين، وبدلاً من أن نقول شكراً للعالم لأنه يصمت على مشروع الاستيطان الضخم على أراضي شعب آخر وعلى حسابه، بدلاً من ذلك، فإن محرر “يديعوت” جاء ليشتكي للعالم: هو يريد معاملة مشابهة للإيرانيين. لقد أضحكتم الزعيم الروحي في إيران، علي خامنئي.