إسرائيل تبحث عن نهاية الدائرة بانتخابات ثالثة في نهاية مارس
تدخل الساحة السياسية بسرعة 120 كيلومتراً في الساعة مع الرأس إلى الحائط. قبل ثلاثة أيام من الموعد الأخير الذي تحل الكنيست بعده دون عودة، ما من شيء يمنع ذلك. وفي الأيام التالية سنسمع عدداً لا يحصى من المحاولات والمبادرات والاتصالات والأحابيل التي في نهايتها، أغلب الظن، واقع محتم واحد: سنلتقي في مارس مرة أخرى في صناديق الاقتراع.
كي نفهم ما ينتظرنا ينبغي أن نشطب عن الطاولة سيناريوهات غير معقولة أطلت علينا في اليوم الأخير بل وستطل علينا لاحقاً أيضاً. الانتخاب المباشر لرئاسة الوزراء لن يكون. فانتخابات كهذه لن تحل المشكلة على الإطلاق. صحيح أن المنتصر سيصبح فور الانتخابات المباشرة رئيساً للوزراء، ولكنه بدون حكومة انتقالية ودون أن يضطر لتلقي التفويض من الرئيس أو من الكنيست لتشكيل الحكومة، ولكنه سيكون رئيس وزراء بدون ائتلاف، وبدون أغلبية في الكنيست ومع قدرة متعذرة على البقاء، فلا يمكن إلزام الحزب الثاني بالدخول إلى الحكومة في حالة الخسارة. ولهذا، فإن رئيس الوزراء المنتصر كفيل بأن يبقى هكذا على الورق فقط، ما يقودنا مرة أخرى إلى انتخابات إضافية قريباً، وفقا لصحيفة “إسرائيل اليوم” العبرية.
كما أن تشكيل حكومة من 61 توقيعاً لن يكون. لا يولي ادلشتاين ولا جدعون ساعر ولا حتى أحمد الطيبي، فاللاعبان الوحيدان في الساحة هما بنيامين نتنياهو وبيني غانتس، وهما المرشحان الوحيدان لرئاسة الوزراء، ولا يمكن لأي مرشح وسط أن يحصل على أغلبية ليتجاوز هذا الواقع البسيط. كما أن التمرد في الليكود لن يكون. حتى لو كانت انتخابات تمهيدية لرئاسة الليكود، فسينتصر نتنياهو على كل مرشح. الإعلام سيخلق دراما، وسيحاول الثناء قدر الإمكان على المرشح المضاد، وسيثير الإحساس بأن اللعبة مفتوحة، ولكن النتيجة في النهاية معروفة مسبقاً… نتنياهو سيقود الليكود إلى الانتخابات التالية، مع أو بدون انتخابات تمهيدية لرئاسة الحزب.
“أزرق أبيض” لن يتفكك، وبيني غانتس سيجن جنونه. لو كان الأمر منوطاً به لوقع على حكومة وحدة مع تناوب منذ اليوم. وهو يعرف بأن هذا هو الاحتمال شبه الوحيد في أن يكون رئيس وزراء، الآن أو على الإطلاق. ولكن يئير لبيد يجلس على عنقه كحجر الرحى. في الأحاديث المغلقة يقول غانتس في سره إنه القرار تبلور لإلغاء التناوب على رئاسة الوزراء قبيل حملة الانتخابات التالية. فليس للبيد مكان يذهب إليه، كما يقول. إذا ما فكك “أزرق أبيض” سيعتبر كمن فعل هذا ليس في صالح الدولة بل في صالحه شخصياً، من أجل المنصب، ولهذا فهو مقيد.
وعلى حد قول غانتس، فإن تفكيك الشراكة مع لبيد كفيل بأن يجلب لـ”أزرق أبيض” مقعدين – ثلاثة مقاعد من “اليمين الرقيق”. فيؤدي في المرة التالية إلى تحقيق 57 مقعداً لكتلة الوسط – اليسار – العرب، يحقق 61 وكتلة مانعة لحكومة برئاسة نتنياهو. وهو يقول إن لبيد لا يمكنه أن ينسحب ويخاطر بهذا السيناريو. بل إن غانتس يقول عن لبيد أموراً أشد قسوة: بسببه، لست رئيس وزراء بعد بضعة أشهر.
عندما يتحدث الجميع عن الحاجة إلى منع حل الكنيست ثم يشار إلى استعداد لحملة الانتخابات المقبلة في الجملة التالية، حينئذ نفهم المزاج الحقيقي. فقد انطلقت الانتخابات على الدرب منذ هذه اللحظة. عندما يقدر الجميع بأن أغلب الظن أن الحملة ستبدأ في نهاية الأسبوع، فإنه لم يعد ممكناً التراجع والحديث والمساومة. من هنا فصاعداً، كل الأحاديث والأعمال موجهة منذ الآن نحو الناخبين.