إسرائيل اليوم: اتفاق الغاز ولعبة الأردن المزدوجة مع إسرائيل
في تصريح استثنائي ومثير للحفيظة على نحو خاص، دعا عضو البرلمان الأردني، طارق خوري، مواطني الأردن إلى تفجير الأنابيب التي يفترض أن تورد الغاز الطبيعي إلى الأردن من إسرائيل. هكذا قال خوري، ابن الطائفة المسيحية، في بداية الشهر: “سأقترح شيئاً ما على كل الأعضاء: التوقيع على ميثاق شرف. كل واحد حر في أن يضحي بحياته وحياة أبنائه من أجل تفجير كل أنبوب غاز (إسرائيلي) يمر في الأراضي الأردنية. كلنا سنصبح شهداء. نوقع على ميثاق الشرف هذا كي لا نسمح لأنبوب الغاز هذا بأن يمر سنتيمتراً واحداً عبر أراضي الأردن”.
يعارض كثيرون في الأردن صفقة الغاز بين إسرائيل والأردن، ولكن هذه المرة تعد هذه ذروة جديدة. فالاتصالات بشأن الاتفاق بدأت منذ 2011، ووقع الاتفاق في 2016 بوساطة أمريكية بعد تأجيلات عدة. وسيسمح الاتفاق بنقل الغاز الطبيعي من حقل لافيتان الإسرائيلي إلى شركة الكهرباء الأردنية، ويبلغ حجم الصفقة 10 مليار دولار على مدى فترة 15 سنة. موعد بدء توريد الغاز للأردن تقرر في بداية العام 2020.
على مدى الطريق، واجه الاتفاق معارضة من أعضاء برلمان كثيرين، ومن أجزاء لا بأس بها من الشعب الأردني. عشرات المظاهرات التي تطالب بإلغاء الاتفاق جرت في الأردن، داعية لعدم عقد الصفقات مع “العدو الصهيوني”.
يثور كثير من الأردنيين على أن الاتفاق كتب بالإنكليزية، بخلاف القانون الأردني، وأن العملة المحددة في العقد هي الشيكل والدولار فقط، وليس الدينار الأردني. في كانون الأول/ديسمبر 2014، صوت معظم أعضاء البرلمان الأردني على مسودة قرار يقترحون فيها على الحكومة الأردنية إلغاء الصفقة.
وصرح الناطق بلسان المجلس النيابي في البرلمان الأردني، عاطف الطراونة، مؤخراً، بأن كل شرائح المجتمع في الأردن وأعضاء البرلمان يعارضون الاتفاق الموقع مع “الكيان الصهيوني”، وطالب بإلغائه بكل ثمن. بعض من أعضاء البرلمان طالبوا حتى بمقاضاة الحكومة على توقيعها على الاتفاق مع إسرائيل من دون تلقي مصادقة البرلمان.
وبالفعل، رغم اتفاق السلام وتبادل السفراء مرات عديدة، في الأردن يرون في إسرائيل دولة عدو منبوذة، ولكن هذه لعبة مزدوجة: فالعداء العلني لإسرائيل وسيلة يتخذها الحكم للحفاظ على شعبيته، ولكن من خلف الكواليس تحفظ العلاقات الطيبة، وذلك لإرضاء إدارة ترامب، ولكن أيضاً لضمان توريد المياه، وأمور أخرى الصمت جميل فيها.
رغم الخطابية الحماسية، تعمل حكومة الأردن بعقلانية ولا تسارع إلى إطلاق التصريحات التي تؤدي إلى إلغاء الاتفاق الضروري لاحتياجات المملكة. وحسب العقد، فإن إلغاء الصفقة سيلزم المملكة بغرامة مالية قدرها مليار ونصف دولار.
لم يأت على لسان الملك أي رد فعل في الموضوع. وفي نهاية أيلول/سبتمبر، تحدثت وسائل الإعلام في الأردن عن أن الملك عبد الله تلقى تقريراً يحلل صفقة الغاز مع إسرائيل، والمعاني ستكون استمرار أو تجميد الاتفاق.
إن العلاقات بين إسرائيل والأردن تمر في فترة حساسة بسبب صفقة الغاز، وقرار الأردن في 28 تشرين الأول/أكتوبر 2018 وقف تأجير أراضي “جزيرة السلام” وجيب تسوفر لدولة إسرائيل. ليس واضحاً إذا كان الأردن سيبسط في غضون نحو سنة من هذا الموعد سيادته الكاملة في هذه المناطق أم قد تجري مفاوضات لحل المشكلة.
بقلم: د. إيدي كوهن، باحث كبير في مركز بيغن السادات في جامعة بار إيلان