إذا رضخ العالم للفيتو الروسي – الصيني ستقع الكارثة.. كيف تسهم المساعدات الدولية في إنقاذ حياة 3.5 مليون سوري؟
يهدد قرار روسيا والصين في مجلس الأمن باستخدام حق النقض “الفيتو” ضد تمديد آلية إيصال المساعدات الدولية عبر تركيا، حياة حوالي 3.5 ملايين شخص في شمال وغرب سوريا ويعرضهم لمجاعة محققة.
وكانت كل من بلجيكا وألمانيا تقدمتا بمشروع يهدف إلى تمديد العمل بآلية إيصال المساعدات الدولية لمخيمات اللاجئين والمناطق الخارجة عن سيطرة النظام لمدة عام كامل عبر منفذي السلامة وباب الهوى الحدودي مع تركيا، إلا أن الفيتو الروسي الصيني الذي أعلن أمس الأول قد يتسبب في كارثة إنسانية.
سكان المخيمات
المنسق الإنساني في الشمال السوري أيهم حمود قال لـ”عربي بوست” إن مأساة حقيقية ومجاعة شديدة سيشهدها الشمال السوري، تحديداً قاطني المخيمات من النازحين في أكثر من 1450 مخيماً تنتشر بالقرب من الحدود التركية ومناطق أخرى في الشمال السوري، وما أن يتم الرضوخ لمطلب روسيا والصين بوقف القرار الدولي الذي يقضي بإيصال المساعدات الإنسانية للنازحين والمواطنين في إدلب والشمال السوري ستقع الكارثة.
ويضيف أن أكثر من 3.5 مليون نازح، في المخيمات جلّهم يعتمدون على المساعدات الإنسانية الدولية، بشكل حصري، حيث لا عمل لهم ولا يملكون مصدر دخل يستطعيون من خلاله تأمين سبل عيشهم وتأمين مستلزمات الحياة الهامة من غذاء ودواء وحليب الأطفال.
ولفت إلى أن حجم المساعدات التي تقدم للنازحين تقدر بنحو 3 مليارات دولار سنوياً تفريباً للنازحين في الداخل السوري، توزع على شكل مساعدات نقدية للأسر المحتاجة والأيتام وذوي الإعاقات الجسدية والأمراض المزمنة ومساعدات غذائية على شكل سلال طعام تحتوي على “الأرز والسمن والزيوت والسكر ومعلبات غذائية والحمص والفاصوليا” وأغذية أخرى، فضلاً عن حليب الأطفال والبالغ عددهم تقريباً حوالي 400 ألف طفل بحاجة ماسّة للحليب.
وأشار إلى أنه في حال تم توقيف المساعدات الدولية نزولاً على رغبة روسيا والصين ستحصل مأساة تاريخية لم يسبق أن شهد العالم مثلها سابقاً.
مأساة إنسانية
أم عبدالله امرأة نازحة من سهل الغاب غرب حماة في مخيم دير حسان الحدودي مع تركيا، علمت من أحد أقاربها أن هناك مطلباً روسياً صينياً يقضي بوقف المساعدات الإنسانية عن السوريين، تقول بصوت خافت وحزين: “أنا امرأة أعيل 4 أسر لأولادي الذين قتل اثنان منهم في معتقلات النظام خلال السنوات الماضية واثنان في المعارك بريف حماة”.
وتشرح في ألم: “أحصل بشكل شهري على 4 سلال غذائية هي طعام أحفادي البالغ عدد 14 طفلاً لا تتجاوز أعمارهم 12 عاماً، كما أحصل على الألبسة ومبالغ نقدية بشكل شهري تقريباً أستطيع من خلالها توفير مستلزمات الحياة الأخرى من علاج وتدفئة”.
وتضيف: “في حال توقفت هذه المساعدات سأفقد أحفادي حتماً إما جوعاً أو مرضاً، أناشد العالم أن ينظر إلى مأساتنا الإنسانية، فمأساتي كآلاف الحالات التي تشبه وضعي أنا وأحفادي في الشمال السوري”.
منذر الأسعد نازح من ريف دمشق في مخيم أطمة الحدودي يقول: “أعتمد أنا وأفراد أسرتي الـ 13، على المساعدات الإنسانية الدولية وليس لي أي مصدر دخل آخر بحكم أنني عاطل عن العمل بسبب إصابة بالغة في عمودي الفقري وتسببت لي بعجز شبه كلي”.
ولفت إلى أنه وأفراد أسرته ليس بإمكانهم العيش دون مساعدات إنسانية وفي حال توقفها لن يبقى أمامهم خيار سوى التسول أو الموت جوعاً.
أما عمر حاج محمود فيعمل في القطاع الطبي فقال إن توقيت الفيتو الروسي والصيني في جلسة مجلس يوم الثلاثاء ضد تمديد القرار الدولي في إيصال المساعدات الإنسانية والغذائية للسوريين، تزامن مع استمرار انتشار فيروس كورونا في العالم ودول الجوار.
وأن توقف المساعدات الدولية عن السوريين في المخيمات سيعقد المشهد الإنساني مع عدم توفر الكحول والمنظفات الكافية في الأسواق، فضلاً عن ارتفاع ثمنها بنحو 200% مع انهيار العملية السورية.
ولفت إلى أن المساعدات الدولية من أدوية ومستلزمات طبية ومواد معقمة تسهم إلى حد كبير من مواجهة خطر انتشار فيروس كورونا في الشمال السوري وتساعد في احتوائه ما أن وصل إلى البلاد، وفي حال توقفت المساعدات الدولية في هذا الشأن، سنكون أمام كارثة من نوع آخر، إضافة إلى الجوع الذي سيطال ملايين النازحين.
أما الناشط الميداني عبدالمعين الصالح يقول: “منذ اندلاع الثورة السورية ضد نظام الأسد في البلاد سارعت روسيا والصين إلى حماية النظام من أي قرار دولي في مجلس الأمن، واعترضاً على عدد كبير من القرارات الدولية من شأنها ردع النظام عن ممارساته ورضوخه للحلول السياسية الخاصة بالمسألة السورية”.
ولم تكتفِ كل من روسيا والصين عن دعم النظام السوري سياسياً وعسكرياً بل سعت كل من هاتين الدولتين إلى تعطيل واعتراض قرارات مجلس الأمن الخاصة بالنظام الغذائي ومساعدات إنسانية أخرى للسوريين بهدف تجويع السوريين وإرغامهم على مصالحة النظام مقابل الموت جوعاً.
وأشار إلى أن مجلس الأمن نجح في 11 يناير/كانون الثاني الماضي، في إصدار قرار رقم 2504، يقضي بإيصال المساعدات الدولية إلى السوريين عبر منفذين “السلامة وباب الهوى” مع تركيا فقط ولمدة 6 أشهر، وإغلاق معبري اليعربية مع العراق والرمثا مع الأردن تحت طلب كل من روسيا والصين آنذاك.
ولفت إلى أنه سيتم وقف آلية العمل بإيصال المساعدات الإنسانية وفق القرار المعمول به الآن في 10 يوليو/تموز الجاري، متخوفاً من حدوث كارثة إنسانية رهيبة بعد ذلك قد تطال ملايين النازحين وارتفاع نسبة الفقر والبطالة بشكل كبير بين المدنيين.