إحباط محاولة تهريب كنز أثري في مطار هيثرو وإعادته إلى العراق
احبِطَت محاولة تهريب كنزٍ أثري بابلي إلى بريطانيا بعد مصادرته في مطار هيثرو.
ونُهِبَ الحجر الأثري ذو الكتابة المسمارية الذي يبلغ ارتفاعه حوالي 30 سنتيمتراً من العراق. ويرجع تاريخه إلى الألفية الثانية قبل الميلاد، ويستحق أن يوضع في أعظم متاحف العالم، وتُقدَّر قيمته بمئات الآلاف من الدولارات، نقلاً عن صحيفة “الجارديان” البريطانية.
وأُثيرت الشكوك لدى ضابطٍ في قوة الحدود حين أُخبِرَ بأنَّ الشحنة تحتوي على «حجرٍ منحوت للزينة المنزلية» صُنِع في تركيا وقيمته «300» بعملة غير محددة.
وبعدما بحث الضابط عن الحجر عبر موقع جوجل، اتصل بالمتحف البريطاني، بعد أن اكتشف أن مجموعة الآثار المعروضة فيه تتضمَّن واحداً من الأمثلة القليلة المتبقية على حجر الحدود البابلي، وهو وثيقة رسمية كانت تُصنَع بناء على تعليمات الملك البابلي لتسجيل هبة الأراضي أو الفوائد الأخرى التي يُمنَح إيَّاها أفرادٌ معينون.
وقال جون سيمبسون، وهو أمين أول في المتحف البريطاني، لصحيفة “الجارديان” البريطانية متحدثاً عن الحجر: «إنَّه قطعةٌ أثرية تُلبي مواصفات العرض في المتاحف. ومع أنَّه مكسور، يجب أن يُعرَض في أحد المتاحف».
الحجر يعود إلى 1013 قبل الميلاد
جديرٌ بالذكر أنَّ تاريخ الحجر يعود إلى عهد الملك البابلي نبوخذ نصر الأول (الذي تولى الحكم في الفترة ما بين عامَي 1126 و1103 قبل الميلاد)، ولا ينبغي الخلط بينه وبين نبوخذ نصر الثاني (الذي حكم البلاد في الفترة ما بين 605 و562 قبل الميلاد).
وهذا الحاكم لا يُعرَف عنه الكثير باستثناء انتصاره على مملكة عيلام في المنطقة التي تُعرَف حالياً بإيران، حين استعاد تمثال الإله مردوخ معبود الدولة البابلية. ويشير النقش المرسوم على الحجر إلى حملةٍ عسكرية، وربما تكون تلك الحملة نفسها.
وقال سيمبسون عن الحجر: «إنه وثيقةٌ تاريخية أساسية لسلسلة حوادث لا يُعرَف عنها الكثير في تاريخ بلاد ما بين النهرين تُظهِر العلاقة -التي لم تكن ودية دائماً- بين الجيران».
ويحتوي الحجر على عمودين من النصوص المكتوبة باللغة البابلية.
ويصعب تفسيرها لأنَّ الحجر مكسور، وجزأه المركزي متآكل.
ولا بد أنَّه كان موضوعاً في أحد المعابد في الأصل؛ لأنَّ سطوره الختامية تتضمَّن صيغ لعنة لحمايته.
في 19 مارس سيسلم المتحف البريطاني القطعة رسمياً إلى العراق
وقال سيمبسون: «المهم أنَّ هذا الحجر لم يُسجَّل أو يُنشَر من قبل، لذا لا بد أنَّه وُجِدَ عبر تنقيبٍ غير قانوني في موقع في جنوب العراق. ويذكر النص الإله إنليل والإلهة غولا ويشير عدة مرات إلى مدينة نيبور، في جنوب العراق، حيث كان إنليل هو كبير الآلهة. وهذا يُرجِّح أن يكون هذا الحجر من مدينة نيبور أو أحد الأماكن القريبة منها».
وأشار إلى أنَّ العديد من المواقع الأثرية في جنوب العراق تعرَّضت لنهبٍ فظيع بين عامَي 1994 و2004، ويظن أن الحجر سُرِق في هذه الفترة.
لكنَّ مكان النصف السفلي من الحجر ما زال مجهولاً. وقال سيمبسون: «نأمل أنَّه ما زال تحت الأرض في مكانٍ ما في العراق ويمكن أن يكتشفه علماء الآثار يوماً ما».
جديرٌ بالذكر أنَّ السلطات البريطانية أعلنت الحجر ضمن الممتلكات المَلَكية بعدما فشل المستورد البريطاني في إثبات ملكيته القانونية. وما زالت التحقيقات مستمرة.
وفي 19 مارس، سيُسلِّمه المتحف البريطاني رسمياً إلى السفارة العراقية في لندن، ليُنقَل إلى المتحف العراقي في بغداد، الذي صار الآن مُرمَّماً بالكامل ومفتوحاً للزوار.
وحين سُئِلَ سيمبسون عمَّا إذا كانت عمليات نهب الآثار ما زالت مستمرة في العراق، قال: «الوضع في العراق جيد الآن. لديهم نظام يضم شرطة آثار مسلحة، تُجري دورياتٍ وتتولى مسؤولية حماية جميع المواقع التي يجري التنقيب فيها حالياً. وتُجري دورياتٍ كذلك في المواقع الأثرية التي لا تشهد تنقيباً».