أوغندا تبني سد على خطى إثيوبيا بتمويل صيني
رغم أن أزمة مفاوضات سد النهضة لم تصل لمحطتها النهائية بعد، يبدو أن الأيام القادمة تحمل مزيداً من الأنباء غير السارة لمصر في مجال مياه النيل، مع أنباء تقدُّم شركة صينية بعرض لأوغندا لبناء سد آخر عملاقٍ يهدد بمزيد من التقليص لحصة مصر المائية، فما القصة؟
ماذا حدث؟
تقدمت شركة صينية بعرض للسلطات الأوغندية؛ للحصول على رخصة لبناء سد عملاق بتكلفة 1.4 مليار دولار بغرض توليد الكهرباء، على قسم من نهر النيل يقع بين بحيرتي جيوغو وألبرت، بحسب مستندات اطلعت عليها رويترز قبل أيام.
تريد الشركة -“باور تشاينا إنترناشيونال جروب ليميتد”- تطوير محطة توليد كهرباء أياغو الهيدروليكية حتى تقوم بتوليد 840 ميغاوات من الكهرباء وتصبح أكبر محطة توليد للطاقة في البلاد، وهو ما يعني زيادة الطاقة المولدة بنسبة 40%.
وقال جوليوس وانديرا المتحدث باسم هيئة تنظيم الكهرباء الحكومية لـ “رويترز”: “إننا بصدد إجراء مناقشات شعبية حول العرض الصيني المقترح”، مضيفاً أن الهيئة تقوم أيضاً بدراسة وضع الشركة الصينية؛ للتأكد من قدرتها على تنفيذ المشروع في الأوقات المحددة وبالمواصفات المعروضة، مضيفاً: “سوف نصل إلى قرار نهائي بشأن المشروع بحلول أبريل القادم”.
السد المقترح سيكون في نقطة متقدمة على النهر أمام سد كاروما الهيدروليكي، المفترض الانتهاء من تشييده خلال العام الحالي -وتقوم بتشييده أيضاً شركة صينية أخرى هي مؤسسة ساينوهايدرو- ويعتبر كاروما حالياً أكبر سد في أوغندا، لكن السد المقترح “أياغو” سيكون الأكبر والأضخم على الإطلاق.
ما خلفية هذه القصة؟
أوغندا واحدة من دول حوض نهر النيل، وقَّعت في مايو عام 2010 على اتفاقية تتيح تطوير مشاريع مائية، في إطار مطالبتها بحصص أكبر من مياه النهر واستخدامها في التنمية، تعرف باتفاقية عنتيبي، مع كل من إثيوبيا ورواندا وتنزانيا، وأيدته كينيا في بيان دون التوقيع على الاتفاق رسمياً.
البرلمان الأوغندي قام بتفعيل الاتفاقية في يوليو/تموز من العام الماضي، وبناء على ذلك بدأت الحكومة بناء سد كاروما، المفترض الانتهاء من تطويره في غضون أشهر قليلة، وفي الإطار ذاته يأتي الإعلان عن سد إياغو الجديد.
مصر والسودان -دولتي المصب- رفضتا بشدةٍ اتفاقية عنتيبي، وتمسكتا بالمعاهدات السابقة وضرورة عدم قيام أي من دول المنبع بتشييد سدود على مجرى النهر دون اتفاق وتنسيق معهما.
ماذا يعني ذلك بالنسبة لمصر؟
مصر تخوض الآن محاولات متعثرة للتوصل لاتفاق مع إثيوبيا بشأن سد النهضة، الذي ترى فيه القاهرة تهديداً مباشراً لأمنها المائي، وهي المفاوضات المستمرة منذ يوليو الماضي، وانتقلت إلى واشنطن منذ نوفمبر/تشرين الثاني، وكان يُفترض التوصل إلى اتفاق في موعد نهائي هو منتصف يناير، ولم يصل الطرفان لاتفاق، واستمرت جولات التفاوض، وسط حديث عن احتمال التوصل إلى اتفاقٍ نهاية فبراير الجاري.
الأنباء عن إقدام أوغندا على تشييد سد آخر تأتي بالطبع كأنباء غير جيدة لمصر والسودان، خصوصاً أن أزمة سد النهضة كشفت قلة أوراق الضغط التي تمتلكها الدولتان لإجبار دول المنبع على احترام حصة كل منهما من المياه، وهو ما يعني تشجيع بقية دول حوض النيل على اتخاذ المسار نفسه.
نهر النيل بالنسبة لمصر يمثل مسألة حياة أو موت -بنص كلام الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي نفسه في سبتمبر الماضي من على منصة الأمم المتحدة- حيث تمثل مياهه 95% من استهلاك المياه سواء للشرب أو الزراعة، وهو ما يضع ضغوطاً كبيرة على الحكومة المصرية، التي يبدو أنها استنفدت جميع خياراتها حتى الآن، باستثناء الحل العسكري، وهو ما قد يصبح خياراً لا مناص منه إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق مع إثيوبيا، وإلا أصبح مجرى النهر عرضة لمزيد من السدود الهيدروليكية، مثلما يحدث الآن في أوغندا