أوروبا تتجنب المواقف المباشرة حيال الأزمة التركية الأمريكية حول منظومة «إس 400»
لا يرغب الاتحاد الأوروبي التورط المباشر في المواجهة القائمة بين الولايات المتحدة وتركيا بشأن منظومة الدفاع الصاروخي إس 400 التي اقتنتها أنقرة من موسكو، وأصبحت مصدر أكبر خلاف وسط أعضاء الاتحاد الأوروبي.
واقتنت أنقرة منظومة الدفاع الروسية إس 400 التي يفترض أنها أحسن منظومة دفاع في العالم وتتفوق على نظيراتها الأمريكية، وذلك بسبب وظائفها المتعددة من اعتراض مختلف االأسلحة الجوية مثل الطائرات والصواريخ، وستدخل الخدمة نهاية الصيف الجاري. وتعتبر واشنطن هذه الصواريخ غير ملائمة مع تصور الحلف الأطلسي ومع أسلحة الدول الغربية ومنها الطائرات لاسيما ف 35 أحدث الطائرات الأمريكية.
وعمليا، خلقت أنقرة مستجداً كبيراً وسط الحلف الأطلسي لأنها ستمتلك سلاحاً متقدماً جداً من تصنيع العدو الرئيسي في الوقت الراهن للحلف وهي روسيا وريثة الاتحاد السوفياتي، وهو قادر على فك شفرات المقالات الغربية إذا ما حلقت في الفضاء نفسه الذي تم نشره فيه.
ولا يرغب الاتحاد الأوروبي، المكون الرئيسي للحلف الأطلسي رفقة الولايات المتحدة مسايرة سياسة البنتاغون في الضغط على الأقل علناً على تركيا ويتحذ موقف وسط. وهكذا، بادرت فرنسا منذ أيام عبر وزارة خارجيتها الى تقديم تصريح ملفت للنظر بعدما أكدت أن اقتناء أنقرة لهذه الصواريخ شأن سيادي يخصها، وإن تابعت قائلة أن سيادة الحلف الأطلسي بورها مهمة.
وتعتبر تصريحات فرنسا هامة للغاية بحكم وزنها السياسي وسط الاتحاد الأوروبي، فهي تحمل صفة المحرك السياسي بينما المانيا المحرك الاقتصادي. وتفادت كبريات العواصم الأوروبية مثل برلين وروما ومدريد علاوة على باريس إبداء رأي مستفز لتركيا في هذا الشأن. وكل هذا يرمي الى تفادي المواجهة مع تركيا، لا سيما أن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان لا يتردد في اتهام الغرب بمحاولة تقويض جهود تركيا حتى لا تصبح دولة مركزية. و وضع الاتحاد الأوروبي في الماضي، عراقيل ضد انضمام تركيا الى الاتحاد، مما سيجعل كل تصريح غير مناسب بشأن منظومة الدفاع إس 400 مقدمة لمشاكل أكبر.
ويوجد عنصر آخر شديد الحساسية، هو إحساس تركيا بأن إسرائيل واليونان، وخاصة الأخيرة، وراء الضغط الشديد عليها في مسألة إس 400، وفي حال عبّر الاتحاد عن اعتراض على امتلاك تركيا المنظومة، قد تقرأ الأخيرة الموقف على أنه انحيازا أوروبيا لليونان، ما قد يفجر الخلاف السياسي. وسبق للبنتاغون أن عالج مشكلة شبيهة الحلف الأطلسي وروسيا عندما ضغط على باريس منذ ثلاث سنوات كي لا تسلم الى البحرية الروسية سفينتين حربيتين من نوع ميسترال فرنسية الصنع، وكان ذلك قبل تنفيذ الحلقة الأخيرة من الصفقة، أي التسليم. وبعد توتر بين واشنطن وباريس، اضطرت الأخيرة الى إلغاء الصفقة وإجراء تغييرات في السفينتين وبيعهما الى مصر بتمويل من الإمارات العربية المتحدة والسعودية.