أوبزيرفر: على جونسون تغير أسلوبه وحماية وحدة بريطانيا أما كوربين فعليه قبول الهزيمة الساحقة
خصصت صحيفة “أوبزيرفر” افتتاحيتها لنتائج انتخابات يوم الخميس في بريطانيا متسائلة إلى أين ستسير البلاد بعد النتيجة.
وقالت “هذه هي أكثر نتيجة حاسمة لانتخابات منذ عقد. فقد طلب بوريس جونسون من البلاد تفويضا “لننجز البريكسيت” ويوم الخميس منحه الناخبون غالبية مطلقة. وانهت النتيجة مرة وللأبد المسألة المزعجة حول كيف ومتى سنترك الإتحاد الأوروبي. فسيحدث الخروج الرسمي بنهاية الشهر المقبل. ويجب والحالة هذه ألا تعمينا النتيجة المطلقة عن اللا يقين الذي يحوم حول مستقبلنا، أي طبيعة البريكسيت الذي سنختاره بعد خروجنا. وهو قرار سيترك تداعيات كبيرة على اقتصادنا ورفاهنا وسلامة الإتحاد”.
وتقول إن هذه أول مرة يحصل فيها حزب المحافظين على غالبية مطلقة منذ عام 1987 وأكبر حصة من الأصوات منذ انتصار مارغريت تاتشر عام 1979. وبالنسبة لحزب العمال فهذه الهزيمة هي الرابعة على التوالي وأدت لأصغر مجموعة من النواب تمثل الحزب في البرلمان منذ عام 1935. وتغيرت الخريطة الإنتخابية حيث فككها حزب المحافظين عندما اجتاح مراكز الشمال وميدلاندز التي لم تعد عمالية محصنة من هجمات المحافظين. وترى الصحيفة أن الواقع الجديد يملي تحديات على القادة السياسيين ببريطانيا. فجونسون المنتصر يقود حزبا لا يزال مصدوما من حجم نصره. وحزب يجد نفسه أمام تحدي تحقيق البريكسيت بدون أن يحدث ضررا كبيرا على التحالف الجدبد من الناخبين. وعادت زعيم الحزب الوطني الأسكتلندي نيكولا ستيرجين للمطالبة باستقلال اسكتلندا من دون طريق واضح لاستفتاء ثاني. أما حزب العمال والليبراليين الديمقراطيين فيواجهان أشهرا من الصراعات الداخلية لاختيار قائدين للحزبين يستطيعان إعادة بناء الحزبين وبناء التواصل مع الناخبين الذين تخلوا عنهما. وأشارت الصحيفة لخطاب جونسون يوم الجمعة وتعهده بقيادة “أمة واحدة” في تحول عن لهجته الانقسامية. فمن الصعب التقليل من هذا التحول في طريقة الحكم التي مارسها خلال التسعة أعوام الماضية. وهذا التحول يحتاج إلى استراتيجية جديدة من أجل بناء علاقة جديدة مع أوروبا وتختلف عن تلك التي تبناها جونسون حتى هذا الوقت. ويجب التخلي عن سياسة التقشف التي أضرب بأصحاب الدخل المتدني وليس الأثرياء. والخروج من الإتحاد الأوروبي لن ينجز البريكسيت بأي معنى. فالخروج هو بداية للحوار حول علاقتنا والتي ستقلل من الضرر الإقتصادي وتحمي اتفاقية الجمعة السعيدة في أيرلندا الشمالية.
ام أن بريطانيا تريد نهاية للتنظيمات الأوروبية والتحالف مع أمريكا بالتنظيمات المتدنية ما سيزيد من المعاناة الإقتصادية وإنهاء حرية الحركة. وتقول الصحيفة إن جونسون كما تيريزا مي أظهرا رغبة في إعطاء الأولوية لمصالحهما الشخصية. ونظرا لغياب الأغلبية منذ عام 2017 فقد استعد جونسون ومي من قبله إلى الرقص على نغمة المتشددين من المحافظين الداعين للخروج الصعب، وهو ما تبناه جونسون على حساب سلامة الإتحاد والتسبب بمصاعب اقتصادية من أجل البقاء في السلطة. وعليه وقد حقق انتصارا حاسما أن يغير من حساباته. فالنصر لن يخفف من تأثير المتشددين الرافضين لأوروبا بل وجلبت إلى البرلمان مجموعة جديدة من النواب الذين يمثلون مناطق ستدمر اقتصادياتها من خلال الخروج الصعب. وعليه الميل نحو الخروج اللين من أجل تقليل الأضرار الإقتصادية والحفاظ على الإتحاد البريطاني والإعتراف أن نصف الناخبين لم يوافقوا على نسخة البريكسيت. ونفس الأمر ينسحب على السياسات التي تبناها الحزب على مدى العقد الماضي من قطع النفقات والتي افقرت الفقراء أكثر ولم يقدم الكثير عن السياسة هذه في المانفستو الانتخابي. وفي الوقت الذي قد تدفعه الغالبية نحو خروج لين إلا أن مخاطر المضي في طريق مختلف قائمة. وقد يتعلم جونسون الدرس الأصعب من انتصاره. فمن خلال تقديم مزاعم كاذبة عن المعارضة وتحميلها مسؤولية أمور حدثت تحت ناظريه وتجنب الأسئلة الصعبة تعد استراتيجية فاعلة سياسيا. ولن يجد المبرر الذي استخدمه عن الشعب ضد البرلمان. وهو يسيطر الآن على البرلمان خلال السنوات الخمس المقبلة ولو حدثت كارثة في البريكسيت فسيكون مسؤولا عنها وحده.
وبالنسبة للعمال فهزيمة جيرمي كوربين ستضع الحرب أمام مشاكل كبيرة، فقد خسر الحزب أكثر من 2.5 مليون ناخب ولكن هناك الكثيرين ممن لم يصادقوا على جونسون خوفا من خمسة أعوام من حكم المحافظين. وحزب العمال مدين لهم بقراءة سبب خسارته لا الانزلاق نحو حرب أهلية وصراع على السلطة. وحاول أنصار كوربين لوم الهزيمة على البريكسيت. وبهذا المعنى فنتيجة الاستفتاء التي قسمت الحزب بين مؤيد للخروج وداعم للبقاء أدت بالحزب للتضحية بمعاقله التاريخية لدعم الذين صوتوا لصالح البقاء. ومن دعا لاستفتاء جديد وخلال العامين الماضيين عليهم النظر في السبب الذي لم يقنع نقاشهم الناخبين أو النواب. ولكن المشكلة تظل في غياب القيادة الحقيقية لحزب العمال التي رفضت توضيح موقفها من البريكسيت وهو ما أدى لتدمير الدعوة لاستفتاء ثان. ولكن مشاكل العمال أعمق من البريكسيت. ففي الوقت الذي تراجعت فيه نسبة الناخبين بمناطق الخروج، انخفضت بمناطق دعاة البقاء. وكانت شخصية كورين هي السبب التي جعلت الناخبين يهجرون الحزب لا البريكسيت. وفي الوقت الذي أنعشت فيه قيادة كوربن حزب العمال من خلال جيل جديد من الناشطين إلا أنه لم يكن الزعيم المؤهل لكي يوقف تراجع الحزب. وكانت هناك إشارات مثل سحب 80% من نواب البرلمان العماليين الثقة منه. ويجب على كوربن أن يقبل حكم الناخبين الذين لا يرون فيه رئيسا للوزراء وأن المانفستو الانتخابي لا يحمل مصداقية. وهو ليس في موقع لكي يقود الحزب في مرحلة التفكير بالهزيمة وعليه الاستقالة وحالا من تاركا المجال لزعيم يصرف الأعمال حتى يتم انتخاب زعيم للحزب. والخوف هو أن تشهد مرحلة التنافس على القيادة صراعا بين الفصائل داخله. ويحتاج حزب العمال قيادة تقوم بتنشيط الشباب وبناء الجسور التي دمرت في الانتخابات الحالية مع الطبقة العاملة. وربما غيرت الانتخابات الحالية المشهد السياسي البريطاني لكن المشاكل الحقيقية لم تختف حول الصفقة مع أوروبا ومصير الوحدة البريطانية وكيف ستواجه بريطانيا مسائل البيئة. وخسر حزب العمال الآن الفرصة لمواجهة هذه المشاكل وترك أمرها بيد رئيس وزراء محافظ. وللمرة الرابعة على الحزب الدخول في مرحلة من التفكير وإعادة البناء والخطأ في المرة الخامسة سيكون كارثيا على بريطانيا.