أوبزيرفر: ترامب أعطى الضوء الأخضر لقتل عالم الذرة الإيراني لهذه الأسباب
بات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وفي أيامه الأخيرة بالبيت الأبيض يضرب يمينا وشمالا وعن سبق إصرار، وهو ما يعني أنه أعطى إشارة لقتل عالم الذرة الإيراني محسن فخري زادة يوم الجمعة.
وهو ما يشير حسب صحيفة “أوبزيرفر” البريطانية إلى مغامرة عسكرية جديدة، مع أن المغامرات العسكرية الخطيرة في الأيام الباقية للرؤساء الأمريكيين ليست جديدة. فقد أرسل الرئيس جورج بوش 25 ألف جندي أمريكي إلى الصومال قبل أن يسلّم الرئاسة إلى الرئيس بيل كلينتون. وانتهى التدخل الأمريكي هناك بالفشل الذريع وبمعركة مقديشو في 1993 ومشهد تحطم مقاتلات “بلاكهوك” وسحل الجنود الأمريكيين في شوارعها.
وفي عام 2009، حاول الإسرائيليون الحصول على مساعدة الرئيس جورج دبليو بوش ودعم عسكري لضرب المفاعل النووي الإيراني قبل تسلم باراك أوباما السلطة. وتلقى بوش نفس النصيحة التي تلقاها ترامب، وهي أن ضرب البرنامج النووي الإيراني سيدفعها نحو إنتاج قنبلتها النووية وقد يشعل حربا واسعة.
وبحسب الإحاطات التي قدمت إلى البيت الأبيض، فقد عبر ترامب عن قلقه من تقرير مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية والذي سجل زيادة في مخزون اليورانيوم والذي لو تم تخصيبه لساعد على بناء القنبلة النووية.
وطلب ترامب خيارات عسكرية، لكن تم إقناعه بخطورة أي عمل عسكري. لهذا بات التركيز الآن إن كان هو الذي أعطى الضوء الأخضر لعملية سرية أخرى ضد إيران. وعليه، فقتل عالم الذرة فخري زادة يقع على ما يبدو ضمن هذه الفئة.
وسارع قادة إيران الذين يعرفون ما حدث لعلماء ذرة إيرانيين سابقين لاتهام إسرائيل. لكن المعلقين الأمريكيين وفي المنطقة يرون أن تورطا إسرائيليا في العملية، لو حدث فقد حصل بعد إشارة من ترامب. وهذا التحليل منطقي لعدة أسباب، فعملية الجمعة مثل اغتيال القيادي العسكري في الحرس الثوري قاسم سليمان في بداية كانون الثاني/يناير هو عمل استفزازي. وهناك خطورة في دفع إيران لأعمال انتقامية ضد أعدائها المهمين، أي إسرائيل والسعودية والقوات الأمريكية المنتشرة بالمنطقة.
ومن هنا فعملية الاغتيال تصل إلى حد إعلان الحرب. ولن يقوم أي مسؤول إسرائيلي حتى المتهور بنيامين نتنياهو بعمل كهذا بدون أن يأخذ الموافقة من واشنطن. والأسباب التي تجعل ترامب يسير مع خطة كهذه كثيرة، فقد تعاونت الولايات المتحدة وإسرائيل في السنوات الأخيرة بسلسلة من عمليات التخريب ضد إيران.
وكان ترامب هو الذي أمر وبشكل شخصي باغتيال سليماني، حيث تباهى بقتله. ولا شك أن ترامب وبسبب استراتيجيته العقيمة تجاه إيران، يشعر بالخيبة إن لم يكن بالانتقام. وقد فشل في تركيع إيران وإجبارها للتفاوض على معاهدة نووية جديدة.
وما فعلته هذه السياسة، هي زيادة معاناة الشعب العربي وخلق توتر مع حلفاء الولايات المتحدة. وترك قرار ترامب المتهور تمزيق المعاهدة النووية التي وقعها باراك أوباما في 2015 أثرا عكسيا. وبعد التزام إيران بالاتفاقية ومن جانب واحد لعام بدأت بزيادة عمليات التخصيب المخفف لليورانيوم. وهو ما يعني أن ترامب أطلق الرصاص على قدمه وزاد من درجة التوتر الإقليمي.
وعلى ما يبدو يصدق ترامب نتنياهو عندما يقول إن إيران تواصل بناء القنبلة النووية، رغم عدم وجود أدلة، وابتلع المنطق اليميني المتطرف والتبسيطي عن إيران كتهديد وجودي، ويقدم نفسه على أنه المخلص لإسرائيل، إلا أن المظلومية الشخصية هي عامل كما هو الحال في كل تصرفات ترامب.
فقد كان ومنذ البداية مصمما على تدمير ما عمله أوباما مع إيران، لأن كل ما حققه أوباما لعنة. وعندما يتحدث جوزيف بايدن عن مراجعة لاتفاقية أوباما، يشعر ترامب بالغيظ، وهو يحاول إحباط جهود الرئيس المنتخب.
ولو ردت إيران على اغتيال عالم الذرة، فستعيث الفوضى بالمنطقة وتقضي على أي أمل لبايدن في بداية جديدة. فبجهله وتخبطه الأناني ساعد ترامب على خلق الأزمة التي سيكون راضيا عنها والآخرين معه.