أوبزيرفر: الإفراط بالضغط على إيران قد يقود لحرب خليج ثالثة
حذر المعلق سايمون تيسدال بمقال نشرته صحيفة “أوبزيرفر” من مخاطر الضغط الكبير على إيران قائلا إنها قد ترد بطرق كارثية.
وقال إن الأزمة التي وضعت الولايات المتحدة وإيران بداية صيف 2019 على حافة الحرب لم تحل أبدا وهناك إشارات عن إعادة اشتعالها. ومثل الأعداء في ساحة مدرسة يرفضون مصافحة بعضهم البعض، فإن الطرفين اللذين يدعم كل منهما حلفاء وجماعات وكيلة ينتظران اللحظة المناسبة لبدء الجولة الثانية والتي ستكون أسوأ.
ففي المعسكر الأمريكي بدأت التحضيرات على قدم وساق الأسبوع الماضي، عندما زعم المسؤولون الأمريكيون أن إيران قامت سرا بنقل صواريخ باليستية متوسطة المدى إلى العراق بشكل يضع القواعد العسكرية الامريكية هناك وفي البحرين في مداها إلى جانب إسرائيل.
ولو كان التحرك الإيراني صحيحا فهو متناسب مع التحركات الإيرانية لتسليح الميليشيات الشيعية في لبنان واليمن وسوريا بقدرات صاروخية محسنة. ووجهت إسرائيل ضربات صاروخية ضد قواعد عسكرية قيل إنها تابعة للحرس الثوري في العراق وسوريا فيما أطلقت ميليشيات مدعومة من إيران صواريخ ضد إسرائيل. وتحركت الولايات المتحدة لنشر 14 ألف جنديا أمريكيا هذا العام، حيث تخشى رغم هذه الحشود من تكرار هجمات سبتمبر ضد المنشآت النفطية السعودية.
وحذر جون رود، المسؤول البارز في البنتاغون، الأسبوع الماضي من أعمال عدائية جديدة “لا زلنا نرى إشارات عن إمكانية لحدوث عدوان إيراني جديد”. وتنظر إسرائيل لانتشار الصواريخ الدقيقة بين الجماعات الوكيلة لإيران كتهديد استراتيجي ويجب مواجهتها بكل الوسائل. وضغط رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على ترامب من أجل إعادة التركيز على الصواريخ. إلا أن مواصلة إيران تحديها بعد عام من الضغوط يعني أن السياسة لم تنجح بل وتسرع باتجاه المواجهة.
وكان نتنياهو يرغب بالضغط على ترامب وقادة الناتو الذين اجتمعوا في لندن الأسبوع الماضي، لكنه منع من الحضور “لأمور لوجيستية”. إلا أن مايك بومبيو، الصقر الآخر ووزير الخارجية الأمريكي، حيث أكد من البرتغال على أن نشاطات إيران تهدد وبشكل متزايد إسرائيل وكل الشرق الأوسط. وكان الرئيس الأمريكي قد أعلن العام الماضي عن سياسة أقصى ضغط ضد إيران بعد خروجه من المعاهدة النووية وعبر عن قلقه من برامج الصواريخ الباليستية وسلوك إيران بالمنطقة.
ويتهم نتنياهو مثل غيره من المتشددين السعوديين قادة أوروبا الذين لا يزالون يدعمون الاتفاقية النووية مع إيران التي قررت استئناف بعض ملامح برامجها النووية، وهو ما اعتبرته إسرائيل سوء نية من طهران. وعبّر نتنياهو عن غضبه من الخطة الأوروبية التي دعمتها بريطانيا وفرنسا وألمانيا لمساعدة إيران من خلال آلية مالية تجنبها استخدام الدولار.
وقال: “يجب أن تخجل هذه الدول من نفسها ألم تتعلم شيئا من التاريخ؟ إنها تقوم بمساعدة دولة إرهابية متشددة لتطوير أسلحة نووية وصواريخ باليستية جالبة الكارثة على نفسها والبقية”. وقيل إن نتنياهو منع من حضور الناتو لأن فرنسا وألمانيا وبريطانيا لم تكن راغبة بالاستماع إلى شكاويه. وتواجه المجموع الأوروبية المعروف “إي 3” مشكلة لأن سياستها ليست ناجحة. واشتكت للأمم المتحدة الأسبوع الماضي أن البرامج الباليستية الإيرانية تؤثر على الاتفاقية النووية الموقعة عام 2017. ولكن المجموعة ليست لديها أفكار بديلة لمنع الانزلاق نحو الحرب.
أما المعسكر الإيراني فلا شيء يسير باتجاه صحيح. فلم يدعم التوسع الإيراني الإقليمي الأمن القومي، وتتعرض مغامرات إيرانية الاستعمارية الجديدة في العراق ولبنان لتهديد فيما لم تنته فيه الحرب السورية التي لا تزال تستنزف المال والمصادر مع زيادة الضغوط الداخلية. وقدرت منظمة العفو الدولية مقتل 208 شخصا على الأقل في الاحتجاجات التي شهدتها البلاد الشهر الماضي. وربما كان العدد الحقيقي أعلى.
وحمل النظام “الصهاينة” والجماعات “الخارجة”. وأشار المرشد الأعلى للجمهورية آية الله علي خامنئي إلى “المؤامرة الخطيرة” التي تشترك فيها السعودية والولايات المتحدة وإسرائيل ضد بلاده. إلا أن مزاعم كهذه لا تقنع أحدا. ويبدو أن قادة إيران واجهوا تجربة صادمة لشعبيتهم واستعداد الناس العاديين لكي يتحدوا النظام الوحشي. وبعد استخدام العنف المطلق، قرر النظام تخفيف حدة القمع وأظهر “رحمته” ضد المعتقلين.
وقبل أن يبدأ الطرفان لعبة المواجهة الخليجية عليهم مساءلة أنفسهم عما يريدون تحقيقه، وإن كان الحوار سيؤدي إلى شيء. أو ما يمكن أن يخسره كل طرف. وعرض حسن روحاني، الرئيس الإيراني والذي اعترف بهذا الحوار وبشكل متكرر. ولكن بشرط رفع العقوبات، إلا أن ترامب لم يرد. صحيح أن المشاكل الداخلية في إيران جاءت بسبب العقوبات الأمريكية لكن الحديث عن دفع هذه الضغوط طهران الاستجابة للمطالب الأمريكية والإسرائيلية مجرد وهم وخيال مفرط.
وفي نفس المقام، فحسابات إيران القائمة على تردد ترامب المنشغل بالإنتخابات الرئاسية بشن حرب هو تواطؤ. وعلى الإيرانيين معرفة أن أوروبا التي أخضعها ترامب لن تسارع لإنقاذ طهران. والخطر أنه لو تم دفع إيران إلى الزاوية بشكل تعرض فيه بقاء النظام للخطر وبدأت الصدوع الإثنية والإقليمية بالظهور واستطاعت المؤسسة الدينية والحرس الثوري السيطرة على السياسة فعندها قد تضرب إيران بطريقة ستكون كارثية. ولو قرر نتنياهو وترامب المحاصران بالملاحقات القانونية والقضائية حرف النظر وخلق دراما وإظهار الغطرسة فعندها سنواجه حرب الخليج الثالثة.