أوباما يحدد نتائج انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي
حدد الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما 5 أسباب تجعل قرار الانسحاب من الاتفاق النووى “خطأ فادح”، وقال تعليقا من جانبه على قرار الرئيس الحالى دونالد ترامب حول الانسحاب من الاتفاق النووى وتوقيع العقوبات على إيران أن هناك عددا قليلا من القضايا الأكثر أهمية لأمن الولايات المتحدة من الانتشار المحتمل للأسلحة النووية، أو احتمال وقوع حرب أكثر تدميرا فى الشرق الأوسط، ولهذا السبب قامت الولايات المتحدة بالتفاوض على خطة العمل الشاملة المشتركة “الاتفاق النووى” فى المقام الأول.
وأضاف أوباما فى تدوينة له من خلال صفحته الرسمية بموقع “فيس بوك” أن الحقيقة واضحة، وهى أن الاتفاق النووى ما يزال قيد العمل، وهو رأى مشترك من قبل الحلفاء الأوروبيين، والخبراء المستقلين، ووزير الدفاع الأمريكى الحالى.
ودافع عن الاتفاق واصفا إياه بأنه فى مصلحة أمريكا، مضيفا أن هذه المصلحة توالت على شكل ملحوظ بخصوص البرنامج النووى الإيرانى، مشيرا إلى أن خطة العمل الشاملة المشتركة تعد بمثابة نموذج لما يمكن أن تفعله الدبلوماسية، فنظام التفتيش والتحقق هو بالتحديد ما ينبغى أن تعمل الولايات المتحدة على وضعه مع كوريا الشمالية، والواقع أننا فى الوقت الذى كنا فيه جميعا أشجع بالدبلوماسية مع كوريا الشمالية للنجاح، فإن المضى قدما بعيدا عن الاتفاق النووى يهدد بخسارة صفقة تحققت – مع إيران – والنتيجة ذاتها التى نتعقبها مع الكوريين الشماليين.
وهذا هو السبب فى أن إعلان الانسحاب من الاتفاق مضلل جدا، لأن المضى قدما بعيدا عن الاتفاق يحول ظهرنا عن أقرب حلفاء أمريكا، وإلى اتفاق تم التفاوض بشأنه عبر كبار الدبلوماسيين والعلماء وأجهزة الاستخبارات فى بلدنا، وفى الديموقراطية، ستكون هناك دائما تغييرات فى السياسات والأولويات من إدارة إلى أخرى. ولكن الاستخفاف المستمر بالاتفاقات التى يشكل بلدنا طرفا فيها يهدد بتقويض مصداقية أمريكا، ويضعنا على خلاف مع القوى الكبرى فى العالم.
وشدد أوباما على أنه ينبغى أن تكون المناقشات فى بلدنا على علم بالحقائق، ولا سيما المناقشات التى ثبت أنها خلافية. لذا فمن المهم مراجعة العديد من الحقائق حول خطة العمل الشاملة المشتركة.
أولا: لم يكن الاتفاق النووى (jcpoa) مجرد اتفاق بين إدارتى والحكومة الإيرانية، فبعد سنوات من بناء تحالف دولى يمكن أن يفرض عقوبات معوقة على إيران، وصلنا إلى الاتفاق مع المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبى وروسيا والصين وإيران. وهى صفقة متعددة الأطراف لتحديد الأسلحة، أقرها بالإجماع قرار مجلس الأمن الدولى التابع للأمم المتحدة.
ثانيا: عمل الاتفاق على إعادة برنامج إيران النووى وعلى مدى عقود كانت إيران قد تقدمت باستمرار فى برنامجها النووى وهى تقترب من النقطة التى يمكنها فيها بسرعة إنتاج ما يكفى من المواد الانشطارية لبناء قنبلة، وبالتالى فإن الاتفاق وضع غطاء على تلك القدرة المصغرة. ومنذ تنفيذ هذا البرنامج دمرت إيران نواة المفاعل الذى كان من الممكن أن ينتج البلوتونيوم ويمكنها من صنع الأسلحة، وأزالت ثلثى أجهزة الطرد المركزى التابعة لها (أكثر من 13,000) ووضعتها تحت المراقبة الدولية وقضت على 97 فى المئة من مخزونها من اليورانيوم المخصب – المواد الخام اللازمة لتفجير قنبلة، وعلى أى حال فرض الاتفاق قيودا صارمة على البرنامج النووى الإيرانى وحقق نتائج حقيقية.
ثالثا: لا يعتمد الاتفاق النووى على الثقة – بل هو متأصل فى أكثر عمليات التفتيش والتحقق البعيدة المدى التى تم التفاوض بشأنها على الإطلاق فى اتفاق بشان تحديد الأسلحة. وتراقب مرافق إيران النووية بدقة، ويمكن للمراقبين الدوليين أيضا الوصول إلى سلسلة الإمدادات النووية الإيرانية بأكملها، حتى نتمكن من الإمساك بهم فى حالات التضليل ومن دون الاتفاق فان نظام الرصد والتفتيش هذا سوف يتم إلغاؤه.
رابعا: ايران تلتزم بالاتفاق ولم تكن هذه مجرد وجهة نظر إدارتى فقد واصلت دوائر الاستخبارات التابعة للولايات المتحدة التثبت من أن إيران تضطلع بمسؤولياتها بموجب الاتفاق، وقد أبلغت ذلك إلى الكونجرس، وكذلك لدينا أقرب حلفائنا، والوكالة الدولية المسؤولة عن التحقق من الامتثال الإيرانى، وهى الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
خامسا: بالنسبة لصلاحية الاتفاق، فقد حظر على إيران على الإطلاق الحصول على سلاح نووى دائم. وبعض عمليات التفتيش الأكثر أهمية وتدخلا التى دونت فى الاتفاق هى عمليات دائمة. وحتى مع أن بعض الأحكام الخاصة بالاتفاق أصبحت أقل صرامة مع الوقت، فإن هذا لن يحدث إلا بعد عشر أو خمسة عشر أو عشرون أو خمسة وعشرين عاما فى الاتفاق، لذا لا يوجد سبب يذكر لوضع هذه القيود فى خطر اليوم.
وأخيرا لم يكن المقصود من الاتفاق “jcpoa” أن يحل جميع مشاكلنا مع إيران، ولقد كنا واضحين فى أن ايران تمارس سلوكا مزعزعا للاستقرار بما فى ذلك دعم الإرهاب، والتهديدات التى تهدد إسرائيل وجيرانها. ولكن لهذا السبب بالتحديد كان من المهم جدا أن نمنع إيران من الحصول على سلاح نووى.
وقال أوباما أن كل جانب من جوانب السلوك الإيرانى الذى يبعث على القلق أخطر بكثير إذا كان برنامجها النووى غير مقيد. وقد تعززت قدرتنا على مواجهة سلوك إيران المزعزع للاستقرار -وعلى الحفاظ على وحدة الهدف مع حلفائنا مع خطة العمل الشاملة المشتركة وتضعف بدونها.
وأوضح أوباما أنه نظرا لهذه الحقائق “أعتقد أن قرار وضع الـ”jcpoa” فى خطر دون أى انتهاك إيرانى لهذه الصفقة هو خطأ خطير. فبدون الاتفاق يمكن أن تترك الولايات المتحدة فى نهاية المطاف بخيار خاسر بين إيران المسلحة النووية أو حرب أخرى فى الشرق الأوسط، ونحن جميعا نعرف أخطار إيران بالحصول على سلاح نووى ومن شأنه أن يشجع نظاما خطيرا بالفعل، ويهدد أصدقاءنا بالدمار، ويشكل أخطارا غير مقبولة لأمن أمريكا الخاص فضلا عن سباق تسلح فى أشد المناطق خطورة فى العالم. وإذا ضاعت القيود على برنامج إيران النووى فى ظل الاتفاق فإننا يمكن أن يكون اليوم الذى نواجه فيه الاختيار بين العيش مع ذلك التهديد أو الذهاب إلى الحرب لمنع ذلك.
واختتم أوباما بيانه المطول بالقول: “فى عالم خطير يجب أن تكون أمريكا قادرة على الاعتماد جزئيا على الدبلوماسية القوية القائمة على المبادئ لتأمين بلدنا، ولقد كنا أكثر أمنا فى السنوات التى انقضت منذ أن حققنا الاتفاق وذلك بفضل العمل الذى يقوم به الدبلوماسيون والعديد من أعضاء الكونجرس وحلفاؤنا، وفى المستقبل آمُل أن يستمر الأمريكيون فى التحدث من دون خوف دعما لذلك النوع من القيادة القوية والمبدئية والحقيقية والموحدة والتى يمكنها أن تؤمن بلدنا على أفضل وجه والمضطلعة بمسؤولياتنا فى جميع أنحاء العالم”.