أنصار الصدر يتظاهرون أمام أملاك قادة عزلوا من التيار لاتهامهم بالفساد
سقط عشرات القتلى والجرحى، ليلة الأربعاء ـ الخميس، في مناطق جنوب العراق، جراء تظاهرات لأنصار التيار الصدري أمام منازل وأملاك وعقارات قادة في التيار، وصفهم الزعيم الشيعي مقتدى الصدر أنهم «فاسدون» وأثروا على حساب المال العام مستغلين اسم «آل الصدر»، قبل أن يقرر استبعادهم من التيار.
ففي محافظة كربلاء (105 كم جنوب بغداد)، تظاهر المئات من أتباع التيار الصدري أمام شركة للمقاولات وقاموا بإغلاق أبوابها.
وأكد المتظاهرون أن هذه الشركة تابعة لأحد المستبعدين من التيار بتهم فساد.
وفي محافظة بابل (100كم جنوب العاصمة)، خرج العشرات من المتظاهرين الغاضبين التابعين للتيار الصدري في تظاهرة في مدينة الحلة (مركز المحافظة) ضد الشخصيات المستبعدة من التيار، مطالبين بمحاسبة هذه الشخصيات وضرورة تقديمهم للعدالة كونهم «فاسدين».
أما في محافظة واسط (180 كم جنوب بغداد)، فقد أصيب اثنان خلال التظاهرات التي خرجت أمام مجمع دمشق الطبي، ومنزل نائب المحافظ، عادل الزركاني، احتجاجا على الشخصيات التي وصفوها بالفاسدة في التيار الصدري، رافعين الشعار البارز للصدر (شلع قلع كلكم حرامية). وكذلك الحال في محافظة البصرة (600كم جنوب بغداد).
اقتحام وإطلاق نار
الثقل الأبرز للتظاهرات الصدرية جاء في محافظة النجف (120كم جنوب بغداد)، التي تعدّ معقل التيار الصدري في العراق، ومحلّ إقامة زعيم التيار مقتدى الصدر، حيث تظاهر المئات من أتباع التيار الصدري أمام مول «البشير» التابع لجواد الكرعاوي (أحد قادة التيار المستبعدين من الصدر) قرب ساحة الصدرين وسط النجف، للمطالبة بإغلاقه.
وأقدم المحتجّون الغاضبون على إحراق المركز التجاري (مول) وإلحاق أضرار مادية بالغة في المبنى.
وسرعان ما تطورت الأحداث هناك، حتى أقدم أفراد من الشركة الأمنية المُكلّفة بحماية المجمع التجاري، بإطلاق النار في الهواء لتفريق جموع المحتجّين، الأمر الذي أوقع 4 قتلى و47 جريحاً في صفوف المتظاهرين، وفقاً لبيان أوردته مستشفى الحكيم في المحافظة.
وسارعت خلية الإعلام الأمني (حكومية)، إلى التأكيد أمس الخميس، أن القوات الأمنية تمكنت من القبض على 5 من الذين أطلقوا النار على المتظاهرين في النجف، حيث أسفرت الحادثة إلى مقتل 4 متظاهرين، فضلاً عن إصابة آخرين بجروح.
وذكرت، في بيان «توضيحاً لما تم إعلانه عن أحداث النجف، تمكنت القوات الأمنية من إلقاء القبض على خمسة من الذين أطلقوا النار على المتظاهرين وجميعهم من حرس المول».
وأضاف البيان أن «جميع المتظاهرين الذين قتلوا أو جرحوا بسبب استخدام الذخيرة الحية من حرس المول أنفسهم».
وأعلنت الخلية في وقت سابق، أن «أحداث (مول البشير) سجلت 4 ضحايا و 17 جريحا»، مضيفة أن المول احترق بالكامل.
وكتب المحتجّون على منازل وأملاك قادة التيار الصدري (المعزولين)، شعارات (فاسدون) و(مطلوب للسيد القائد) في إشارة إلى زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر.
وتأتي التظاهرات استجابة لدعوة أطلقها المقرب من الصدر، صالح محمد العراقي، المتظاهرين بالقول «فلتتحول تظاهراتكم إلى اعتصام أمام مولات الفاسدين فلا يدخلنها أحد للتسوق والتبضع لمدة لا تقل عن ثلاثة أيام».
وأضاف في صفحته على «فيسبوك»: «لا تقطعوا الطريق العام ولا تؤذوا المنازل القريبة وحافظوا على سلمية الاعتصام، كما علمناكم»، داعيا «الجهات السياسية في التيار إلى التدخل لرفع الضيم ومحاسبة المسلحين فورا».
وتُعنى صفحة (صالح محمد العراقي) على «فيسبوك» بنقل توجيهات وآراء والمواقف الخاصة لزعيم التيار الصدري، فيما لا يستبعد مراقبون أن تكون هذه الصفحة للصدر نفسه، نظراً لما تمثله من أهمية في المعلومات الواردة فيها، والتي تعدّ خاصة ودقيقة للغاية.
في الأثناء، أصدرت الهيئة السياسية للتيار الصدري، بيانا بشأن الأحداث في بعض المحافظات، حيث أدانت «بشدة استخدام القوة ضد المتظاهرين السلميين، وخصوصا في محافظة النجف الأشرف، حيث يتظاهر أبناء الخط الشريف ضد الفاسدين أمام مولاتهم وشركاتهم ومنازلهم في تعبير حضاري وسلمي عن رفض الفساد والفاسدين الذي نادى به زعيم الاصلاح مقتدى الصدر ورفض لاستغلال الاسم الشريف لآل الصدر الكرام».
وتابعت أن «إطلاق النار على المتظاهرين العزل السلميين يعتبر جريمة بشعة بحق الإنسان وحقوقه في التعبير عن رأيه والمطالبة بحقوقه وحقوق وطنه وانتهاك صارخ للدستور والقوانين».
واعتبرت «استشهاد وإصابة العديد من المتظاهرين السلميين بإطلاق الرصاص الحي عليهم من قبل حمايات الفاسدين أو مقارهم ومؤسساتهم الفاسدة، جريمة لا تغتفر». وطالبت «مؤسسات الدولة ذات العلاقة ورئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس القضاء الأعلى باتخاذ الاجراءات القانونية فورا بحق مرتكبي هذه الجريمة النكراء وإنزال اقسى العقوبات بحقهم ليكونوا عبرة لغيرهم».
ومع تفاقم الوضع، دعا المقرب من زعيم التيار الصدري، صالح محمد العراقي، إلى إنهاء الاعتصام والتظاهر، لكنه هدد بالعودة من جديد.
ونشرت صفحة «العراقي» في منشور على موقع « فيسبوك»، منشورا جاء فيه «قال لي قائدي، لا داعي للاعتصام فهذا شهر الصيام، ولا داعي للتظاهر فما عاد للفساد مجال للتفاخر، شكرا لمن التزم بالسلمية».
حماية المتظاهرين
إلى ذلك، دعت مفوضية حقوق الإنسان (خاضعة لرقابة البرلمان)، أمس الخميس، الأجهزة الأمنية إلى حماية المتظاهرين وعدم السماح باستخدام القوة ضدهم من أي جهة كانت واتخاذ الاجراءات القانونية بحق من تسبب بسقوط ضحايا من المتظاهرين
وقال عضو المفوضية، مشرق ناجي، في بيان، «تتابع المفوضية ما ورد إليها من مصادرها في مكاتب المفوضية العليا لحقوق الانسان بحصول عدد من التظاهرات الشعبية ضد الفساد والمفسدين وسقوط عدد من الشهداء والجرحى، وإلى ذلك، فإن المفوضية تعلن مساندتها لهذه التظاهرات السلمية والمطالبة بالإصلاح».
وأضاف البيان أن «من حق جميع المواطنين أن يطالبوا بحقوقهم المكفولة والدعوة إلى مساندة أية جهة تدعو إلى محاربة الفساد والاصلاح وحماية المال العام من العبث».
ودعا «جميع المكاتب التابعة لها في كافة المحافظات بممارسة دورهم المنشود منهم في رصد هذه التظاهرات وتوثيق كافة الخروقات التي ترافقها وتشخيص مكامن الخلل وفق الولاية القانونية الممنوحة إليها».