أمريكا تسابق الزمن لإنهاء الصراع الخليجي الذي طال أمده
يتوجه قادة الخليج إلى الولايات المتحدة الأميركية للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في مسعى لإيجاد حلٍّ للأزمة المندلعة منذ أكثر من سبعة أشهر.
وقال مسؤولون أميركيون إن الإدارة الأميركية تُسرع الخطى لحل الخلاف الدبلوماسي بين قطر وجيرانها الخليجيين، وإنَّها تشعر بقلقٍ متزايد من ميل الدوحة إلى فلك إيران السياسي والاقتصادي.
وقالت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية في تقرير لها، إن المسؤولين الأميركين يخشون من أنَّ مثل هذا التحول، قد يمثل إعادة اصطفاف كبيرة، وتهديداً محتملاً للأمن القومي الأميركي، بسبب تحدي طهران لمصالح الولايات المتحدة وحلفائها من دول الشرق الأوسط في المنطقة، ما يرفع مخاطر الخلاف الخليجي.
ويقول المسؤولون الأميركيون إن أشهراً من جولات الرحلات المكوكية أثمرت، ما يعتبرونها تنازلاتٍ مهمة من القطريين لتهدئة التوترات مع خصومهم، وبالأخص السعودية والبحرين والإمارات ومصر. لكنَّ عدداً قليلاً فقط لهؤلاء المسؤولين أو المحللين يتوقعون نهايةً وشيكة للأزمة.
بن زايد أصرَّ أن يكون الأخير
وتأمل الإدارة الأميركية أن تُسفر سلسلةٌ من الزيارات رفيعة المستوى التي يجريها قادة خليجيون إلى واشنطن في تهدئة النزاع، إذ زار أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الرئيس دونالد ترمب، أمس الثلاثاء 10 أبريل، ويُتوقَّع أن تكون المباحثات قد شملت الخلاف الخليجي.
وقال ترمب أثناء اللقاء الذي جرى في البيت الأبيض: “نعمل على تحقيق الوحدة في هذا الجزء من الشرق الأوسط، وأعتقد أنَّ الأمر يسير بصورةٍ جيدة للغاية، وهناك الكثير من الأشياء الجيدة تحدث”.
وقال الأمير الثلاثاء، إنَّ دور ترمب “محوري للغاية لإنهاء الأزمة في منطقتنا”.
وفي مقرِّ وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون)، احتفى وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس، يوم الإثنين الماضي، بقطر باعتبارها “شريكاً عسكرياً مهماً وصديقاً قديماً”. وأعلنت الولايات المتحدة عن صفقة محتملة لأسلحة دقيقة التوجيه بقيمة 300 مليون دولار مع الدوحة.
وكان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان التقى ترمب في واشنطن، الشهر الماضي مارس/آذار. ومن المتوقع أيضاً أن يزور ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد واشنطن في الأسابيع المقبلة.
ووفقاً لمسؤولين أميركيين عديدين، ضَغَطَ الإماراتيون كي يكونوا آخر البلدان الخليجية التي تلتقي مع ترمب في هذه الجولة الحالية من الجهود الدبلوماسية.
التوجه نحو الشرق
ويتزايد قلق المسؤولين الأميركيين من أنَّ الصراع الذي طال أمده قد يُعرِّض مصالح واشنطن الاستراتيجية للخطر عن طريق دفعه قطر -التي تعد مركزاً مالياً عالمياً- بصورةٍ أكبر إلى مجال النفوذ الإيراني.
وزادت التجارة بين إيران وقطر في الأشهر الأخيرة، في ظلِّ سعي الدوحة للعثور على طرق تجارة بديلة، بعد تراجع الصادرات السعودية إليها حتى وصلت إلى مستوى الصفر تقريباً.
ووفقاً لمنظّمة تنمية التجارة الإيرانية، ارتفعت الصادرات الإيرانية غير النفطية إلى قطر في سبتمبر/أيلول الماضي، بنسبة 127% على أساسٍ سنوي.
وفي غضون ذلك، قال رئيس منظمة الطيران المدني الإيراني، العام الماضي، إنَّها شهدت زيادةً فورية بنسبة 17% في حركة النقل الجوي، بينما اضطرت الرحلات الجوية المتجهة إلى قطر، والمُغادِرة منها إلى تغيير خط سيرها عبر مجالٍ جوي صديق.
قطر وإيران أيضاً تتشاركان وتُديران معاً أكبر حقل للغاز الطبيعي في العالم، وهو خزان بارس الجنوبي (في إيران)، القبة الشمالية (في قطر).
يقول المسؤولون الأميركيون إنَّهم قلقون من أنَّ تحولاً من جانب الدوحة إلى فلك إيران السياسي والاقتصادي، من شأنه أن يمنح الأخيرة سبيلاً للوصول إلى الدولارات الأميركية، وهي الأموال التي قد تنقلها بعد ذلك إلى حزب الله في لبنان، والمتمردين الحوثيين في اليمن، وغيرهما من مجموعات الميليشيات في المنطقة.
ويعتقد المسؤولون الأميركيون أنَّ العلاقات الأعمق مع قطر قد توفر لطهران ذريعةً لإرسال عملاء متخفين إلى البلاد كتجار، ما يجعل مهمة مكافحة عمليات إيران لجمع الأموال غير المشروعة وتأثيرها في المنطقة أصعب.
واضطلع مسؤولو الجيش الأميركي القلقون حيال تداعيات ذلك على الترتيبات الأمنية بدورٍ رئيسي في المسألة. فمنذ الصيف الماضي عقد الجنرال جوزيف فوتيل قائد القيادة المركزية الأميركية مباحثاتٍ مكثفة مع نظرائه الخليجيين. وسافر ماتيس إلى البحرين، الشهر الماضي مارس/آذار، وعقد مباحثاتٍ حول المسألة أثناء زياراتٍ أجراها قادة خليجيون إلى واشنطن في الأسابيع الأخيرة.
يتضمن أحد جهود الجيش الأميركي قرار البحرين، العام الماضي، إخراج اثنين من ضباط البحرية القطريين من مجموعة تشرف على قوة مهام بحرية تضم 32 بلداً تستضيفها المنامة، وتُعرَف بالقوة البحرية المشتركة، وتشمل تلك القوة الولايات المتحدة. ويسعى مسؤولو الجيش الأميركي بمن فيهم الجنرال فوتيل وماتيس إلى إعادة الضابطين، لكن دون جدوى حتى الآن.
عداوة شخصية.. وليست اتهامات الإرهاب السبب
وخلال زيارة مسؤول أميركي لقطر، الشهر الماضي، أضافت وزارة الداخلية القطرية أسماء 20 شخصاً و8 شركات إلى لائحة الإرهاب خاصتها، بمن في ذلك العديد من القطريين الخاضعين لعقوباتٍ من الولايات المتحدة والأمم المتحدة باعتبارهم ممولين كباراً للإرهاب. ويُمهِّد هذا الإجراء الطريق أمام قطر لتجميد وحظر أصولهم.
وقال ترمب في البيت الأبيض الثلاثاء: “الكثير من الدول كانت تمول الإرهاب، ونحن نُوقِف ذلك، والأمر يتوقف وبسرعة. وأنتم أصبحتم الآن من دعاة (وقف تمويل الإرهاب)، ونحن نُقدِّر ذلك”.
ويقول المسؤولون، إن السعودية لا تزال تريد أن تطرد قطر عدداً من الأشخاص الذين تعتبرهم الرياض إرهابيين، وإيقاف عمليات الإخوان المسلمين في الدوحة، وإسكات شبكة الجزيرة الإعلامية الممولة قطرياً.
ويعتقد الأميركيون أنَّ هناك مجالاً للمساومة في تلك القضايا. ومع ذلك، حتى لو عالجت قطر معظم الشكاوى، يقول المسؤولون إنَّ عداوةً شخصية طويلة المدى على الأرجح ستستمر في التنامي.