ألمان يحبون بوتين ويكرهون ميركل
نشر برنامج “إكسترا 3” الساخر على تلفزيون “إن دي إر” الألماني فقرة تنكرت فيها ممثلة تعمل مع البرنامج على أنها مراسلة تلفزيون روسي مفترض تستجوب أشخاصاً مشاركين في تظاهرة حركة بيجيدا المناهضة للأجانب (أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب) وحزب البديل لأجل ألمانيا اليميني المتطرف، ضد زيارة المستشارة أنجيلا ميركل في السادس عشر من شهر آب الحالي.
الأجوبة جاءت صادمة للكثير من المشاهدين. إذ يقول أحد المتظاهرين إنه يكره ميركل، ويصفها بـ»المجرمة». وأثار أحد المتظاهرين الظاهرين في الفيديو دهشة المشاهدين، عندما قال إن ميركل دمرت بسياستها “الرايخ الألماني”، قبل أن يصحح ويقول ألمانيا وأوروبا.
ويظهر أحد المحتجين وهو يحمل صورة لميركل مكتوب عليها “مذنبة”، وأخرى لحركة يديها الشهيرة ملطخة بالدماء.
«ميركل يجب أن ترحل»
تقول «المراسلة المزعومة» لأحد المتظاهرين إنها من روسيا وإنها معجبة بشجاعته في الاحتجاج على الحكومة، سائلة إياه فيما إذا كان هناك خطورة من التظاهر في ألمانيا، فيرد نعم قليلاً، ناكراً وجود حرية تعبير في البلاد، مدعياً أنه لا يُسمح قول أي شيء ضد ميركل، رغم أن صيحات المتظاهرين تملأ المكان “ميركل يجب أن ترحل”.
تظاهرة لحركة بيغيدا المناهضة للأجانب وضد أسلمة الغرب
وتقول لمحتج آخر إن المرء يدخل السجن في حال احتجاجه في روسيا، سائلة إياه عما يحدث في ألمانيا، فيرد بأنه قد يدخل المرء في ألمانيا أيضاً السجن إن قال أكثر مما ينبغي.
ورداً على استفسار من “المراسلة” حول المتسبب بالوضع الحالي التسامح أم الديمقراطية، تقول إحدى المتظاهرات (سيدة مقعدة على كرسي متحرك) إنها الديمقراطية، مضيفة أن “الأجانب يأتون إلى هناك ويفتحون أيدهم، فيحصلون على الهواتف المحمولة والملابس وغير ذلك، ولا يمكن للأمر أن يكون على هذا النحو”.
ثم تتساءل المذيعة أنها تفهم أن المتظاهرين هناك لا يرغبون بوجود ميركل مستشارة، لكن من يريدون؟ ربما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين؟، يقول رجل مسن متواجد هناك “أنتم (في روسيا) لديكم رئيس جيد”، وفيما إذا كان يريد قدوم بوتين إلى دريسدن، يرد ”لن يكون الأمر سيئاً. كان لسنوات عديدة موجوداً هنا”، في إشارة إلى تواجد بوتين كضابط استخبارات زمن ألمانيا الشرقية. وعندما تستوضح منه أنه عندما كان بوتين هنا كان النظام سائداً أليس كذلك، فيرد بالإيجاب.
تقول المتظاهرة الجالسة على كرسي متحرك: “سيد بوتين نحن كأهل دريسدن نقدرك كثيراً. تعال إلى دريسدن ونظم الأمور هنا.. لأجل ألمانيا كلها”.
حركة بيجيدا في انتظار المنقذ بوتين
في نهاية الفيديو الذي تمت مشاهدته على فيسبوك أكثر من ربع مليون مرة منذ أول أمس الجمعة، تقول الممثلة وهي تتحدث على الهاتف: ”بوريس كل شيء يتم وفقاً للخطة.. عملية (النسخة الثانية من ألمانيا الشرقية) يمكن أن تبدأ. ساكسونيا ملكنا”.
وعبر معلقون من ساكسونيا على صفحة البرنامج الساخر على فيسبوك ويوتيوب عن خجلهم من هذه التصريحات من مواطنيهم، وعن أسفهم لتضرر سمعة كل سكان الولاية من تصرفات هؤلاء “المواطنين القلقين”.
وتمنى بعض المعلقين لو كان الأمر ليس حقيقياً وكان الظاهرون في الفيديو ممثلين، وكتب كثيرون “لو لم يكن الأمر محزناً.. لضحكنا كثيراً على الفيديو”.
وقال معلق يدعى كرستيان إنه يتوجب على هؤلاء الظاهرين في الفيديو جميعاً الذهاب في إجازة وحرق جوازات سفرهم وأن يقولوا إنهم لاجئون، ليحصلوا على ما يحسدون اللاجئين عليه، وهو الحصول (المزعوم) على لباس وهاتف “آيفون” ومال دون أن يتوجب عليهم العمل لأجل ذلك.
ودعا معلق على صفحة البرنامج على فيسبوك هؤلاء المعجبين ببوتين من حركة بيغيدا إلى الذهاب للعيش في روسيا الضخمة المساحة، ليروا الفترة التي سيتحملون العيش فيها هناك، مضيفاً أن من يحب ألمانيا فهو حكماً ضد العنصرية.
هناك وجهان لساكسونيا
وبعد أن تصدرت ساكسونيا عناوين الأخبار السلبية المؤسفة في الأيام الأخيرة، خصصت صحيفة “بيلد أم زونتاغ” الأسبوعية الصادرة اليوم الأحد مادة مطولة للحديث عن ساكسونيا التي اعتبرت أنها ذات وجهين، الأول يكمن في جمال الطبيعة فيها والمواقع التاريخية المهمة ككنيسة “فراون كيرشه” التي أعيد بناؤها بعد عقود من الحرب، وحلولها للمرة الـ 13 على التوالي في المركز الأول بين الولايات من الناحية التعليمية، وتواجد فروع لشركتي فولكسفاغن و”BMW” في مدينتي كيمنتز ولايبتزغ، وتصدرها الولايات من حيث التخلص من الديون المتراكمة عليها.
والوجه الآخر هو ساكسونيا السيئة ذات المشهد اليميني المتطرف بسبب حركة بيغيدا، المعادية للأجانب والديمقراطية ووسائل الإعلام، التي تتصدر عناوين الأخبار السلبية، كشأن خبر تهجم أحد متظاهري حركة بيغيدا في دريسدن -خلال الاحتجاج المذكور أعلاه على زيارة ميركل- على طاقم برنامج على القناة الألمانية الثانية، وقيام الشرطة بإيقاف الفريق عن العمل مدة طويلة قيل إنها وصلت إلى 45 دقيقة، الأمر الذي أحدث ضجة في البلاد، خاصة بعد أن تبين أن المتظاهر المذكور (المعروف بارتدائه قبعة طُبع عليها علم ألمانيا) موظف في مكتب التحقيقات الجنائية، ما دفع المستشارة ميركل إلى التعليق والتأكيد على حرية الصحافة في البلاد، وضرورة عدم تقييد عمل الصحفيين.
ويوضح ميشائيل ناتكه، الاستشاري في المكتب الثقافي في ولاية ساكسونيا، أن لديهم مشكلة في هجرة أصحاب الشهادات التعليمية العالية من ساكسونيا وخاصة من المناطق الريفية، وعلى نحو خاص النساء منهم، مبيناً أن الباقين كثيراً ما يشعرون بأنهم خاسرون، يتذمرون من الساسة، ويصبحون بسهولة ضحايا لحزب البديل لأجل ألمانيا اليميني المتطرف.
وقد يصبح الحزب المذكور الذي يتمتع بشعبية كبيرة في الولاية مع حركة بيغيدا، عند إجراء الانتخابات المحلية في الولاية العام القادم، للمرة الأولى أقوى حزب في ولاية ألمانية.
ينتظرون بوتين لينقذهم من ميركل
تقول بيترا هالفاس (51 عاماً -إدارية في مجال العقارات) من مدينة لايبتزغ، المعروفة بأنها مدينة معارض وكانت المكان الذي كتب يوهان سبستيان باخ أهم أعماله الموسيقية، للصحيفة إنها ستغادر لايبتزغ -التي عاشت فيها طوال حياتها وشاركت فيها في تظاهرات العام 1989 لأجل الحرية وإسقاط الجدار بين الألمانيتين- في حال تنصيب حزب البديل لأجل ألمانيا بعد الانتخابات القادمة رئيساً لوزراء الولاية من صفوفه.
وتوضح أن لديهم في ساكسونيا القليل من الأجانب، وأن المشكلة تكمن لدى الألمان الشرقيين، الذين كانوا يلقنون في عهد ألمانيا الشرقية بأن “كل ما هو من الخارج شر”، وأن الشر في ذلك العهد كان يعد الرأسمالية والآن بات الأجانب. وتثبت الإحصائيات وجهة نظر السيدة “هالفاس” إذ سُجلت في ساكسونيا، مقارنة بعدد السكان، عدد أكبر بثلاثة أمثال من الهجمات المعادية للأجانب، من المعدل الوسطي على نطاق ألمانيا.
ويعيش في ساكسونيا 178 ألف أجنبي، أي 4.4٪ من عدد السكان، النسبة التي تعد قليلة مقارنة مع ولايات كبايرن وشمال الراين فستفاليا التي تصل نسبة الأجانب فيها إلى 12٪، أو في هيسن (15٪).
وترجع “بيلد أم زونتاغ” سبب كراهية الأجانب على هذا النحو، إلى إلغاء المئات من الوظائف المرتبطة بالعمل الاجتماعي والشباب، والمخصصات المالية لها خلال العقد الماضي في الولاية، الأمر الذي حذر منه حينذاك خبراء في هذا الشأن، ككلاوس غروهل عضو مجلس مدينة باوتزن، المنتمي لحزب الخضر، الذي يشير إلى تأثير تقليص نفقات المساعدات المقدمة للشباب على العمل الوقائي، ما أفسح المجال للنازيين الجدد بعرض تقديم العون للشباب.
الواقع ليس سوداوياً تماماً في دريسدن
ويحاول الكثير من سكان مدينة دريسدن، التي تعد معقل حركة بيغيدا المناهضة للإسلام والأجانب، مراراً وتكراراً إظهار أنهم لا يشاطرون المعادين للأجانب آراءهم، ويؤكدون على أن مدينتهم منفتحة على العالم وتتقبل الأجانب.
هذا ما ظهر مجدداً يوم أمس السبت عندما لبى المئات من المتظاهرين دعوة مدينة دريسدن للتظاهر، في اليوم نفسه الذي نظمت حركة “الهوية” اليمينية المتطرفة تظاهرة في المدينة.
وعزف فنانون مشاركون في التظاهرة المؤيدة للتسامح ولدريسدن منفتحة على العالم الموسيقى، في وقت صدت الشرطة هجوماً من عدد من منظمي تظاهرة حركة “الهوية” على صحفيين كانوا يقومون بعملهم، وفقاً لتلفزيون “إم دي إر”.