ألمانيا تطالب بإصلاح مجلس الأمن الدولي .. وتركيا ترد العالم أكبر من 5 دول
طالبت ألمانيا بضرورة إصلاح مجلس الأمن الدولي مؤكدة دعمها للاتفاق النووي الإيراني، 2015، الذي انسحبت منه الولايات المتحدة الأمريكية، في مايو الماضي.
جاء ذلك في الخطاب الذي ألقاه وزير الخارجية «هايكو ماس» أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، الجمعة.
وقال الوزير الألماني، إن «مجلس الأمن لم تجر عليه أي إصلاحات منذ عام 1945».
وأردف: «المجلس بحاجة إلى إصلاح ليكون أكثر تمثيلاً، خاصة أن عدد سكان العالم قد تضاعف ثلاث مرات منذ ذلك الحين، والدول الأعضاء في الأمم المتحدة تضاعفت أربع مرات تقريباً. ومع ذلك، لم يتغير مجلس الأمن على الإطلاق».
وأردف قائلاً: «علينا أن نتوقف عن الدوران في دائرة مغلقة، وأن نبدأ مفاوضات حقيقية حول الإصلاح، كما ترغب الأغلبية الكبيرة من الدول الأعضاء لفترة طويلة».
وحذَّر وزير الخارجية من مغبة تحول «الحرب الأهلية في سوريا إلى نزاع إقليمي واسع النطاق»، داعياً إلى «تنفيذ الاتفاق الذي توصَّلت إليه تركيا وروسيا بشأن إدلب».
وأكد على أهمية العمل من أجل تحقيق مبدأ حل الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية، بهدف تحقيق سلام عادل وشامل في منطقة الشرق الأوسط.
وقال: «أياً كانت الطريقة التي تتطور بها، فلن يكون هناك سوى سلام دائم إذا استطاع الناس أن يعيشوا حياة آمنة وكريمة، على حدود عام 1967».
ودافع هايكو ماس عن الاتفاق النووي الذي وقَّعته إيران عام 2015.
وقال لأعضاء الجمعية العامة: «نحن الأوروبيين نؤيد الاتفاق، ونعمل على إبقاء التبادل الاقتصادي مع إيران أمراً ممكناً، وندعو إيران إلى مواصلة التنفيذ الكامل لالتزاماتها الدولية بموجب الاتفاق».
تركيا طالبت أيضاً
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان انتقد طريقة عمل منظمة الأمم المتحدة، خاصة في الجوانب الإنسانية، في الوقت نفسه وضع أردوغان طريقة لتفعيل دور المنظمة الأممية بعد حالة التكلّس التي مُنيت بها.
وقال أردوغان في مقالرمجلة “فورين بوليسي” الأمريكية الثلاثاء 25 سبتمبر 2018، يجتمع القادة من جميع أنحاء العالم هذه الأيام بمقرِّ الأمم المتحدة في نيويورك لتبادل وجهات النظر حول أكثر المشكلات إلحاحاً في مواجهة البشرية. ويعد الموضوع الرئيسيُّ لاجتماع هذا العام، وهو «تحويل الأمم المتحدة إلى جهة ذات صلةٍ وثيقة بالجميع»، موضوعاً له دلالاته. فهو يلقي بالضوء على التحدِّيات الحقيقية التي تواجهها المنظمة: ألا وهي أنه على الرغم من العمل الشاقِّ الذي يقوم به موظفو الأمم المتحدة في وكالاتها المختلفة، فإنَّ الكيان يعاني من أزمة مصداقيةٍ غير مسبوقةٍ.
وأضاف الرئيس التركي أن السبب الرئيسيَّ لمتاعب الأمم المتحدة هو إخفاق مجلس الأمن في الوفاء بوعده بتعزيز السلام والأمان في أنحاء العالم. فمن البوسنة ورواندا إلى سوريا، واليمن، وفلسطين، أخفق مجلس الأمن الذي يعد أعلى هيئات اتِّخاذ القرار في الأمم المتحدة في وضع حدٍّ للفظائع وكذلك في تطبيق العدالة على المسؤولين عن ارتكاب جرائم بشعة.
وتابع أردوغان تحت سمع الأمم المتحدة وبصرها، استعملت الأنظمة السلطوية في شتَّى بلدان العالم أسلحةً تقليديةً وأسلحة دمارٍ شاملٍ ضد مدنيين أبرياء. بل وبلغ الأمر ببعض الأنظمة أن ارتكبت إبادةً جماعيةً دون مواجهة أية عواقب. وخذلت الأمم المتحدة كذلك ملايين الأطفال الذين يعانون من الجوع الشديد وسوء التغذية، وكما تعرف تركيا تمام المعرفة، لم تستطع اتِّخاذ التدابير اللازمة للتخفيف من معاناة اللاجئين.
القائمة تطول، لكن من الواضح أنَّ الأمم المتحدة، التي كان الهدف منها أن تكون القلب النابض للإنسانية، قد توقَّف نبضها.
ما الحل؟
وبحسب مقال الرئيس التركي ينقسم منتقدو المنظَّمة إلى معسكرين رئيسيَّين حول ما يلزم فعله لمواجهة ذلك: في المجموعة الأولى دولٌ مثل تركيا وألمانيا اللتين ترغبان في إصلاح الأمم المتحدة لمواجهة نقاط القصور فيها. أما المعسكر الثاني فهو أقلُّ عدداً ويضمُّ بين صفوفه الولايات المتحدة. ويُفَضِّل هذا المعسكر استغلال ضعف الأمم المتحدة لتقويض النظام الليبراليّ العالميّ.
واستكمل أردوغان قائلاً خذ مثلاً القرار الأخير الذي اتَّخذه الرئيس الأميركي دونالد ترمب بالانسحاب من مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، والانسحاب من اليونسكو، المنظَّمة الأممية المسؤولة عن التعاون التربويّ والعلميّ والثقافيّ؛ فضلاً عن قراره وقف تمويل UNRWA، وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين. وقد وصف ترمب موقفه يوم الثلاثاء 25 سبتمبر/ أيلول من «سياسة الواقعية المبدئية» أثناء كلمته في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
في وقتٍ نحتاج فيه أمسَّ الحاجة إلى قيادة عالمية، من الأهمية بمكانٍ تحسين حال الأمم المتحدة بدلاً من تدميرها. فإذا كانت القوى العظمى عازفة عن الاضطلاع بمسؤوليتها، وإذا كانت هناك حفنةٌ من الدول تجني ثمار النظام العالميّ الحاليّ ولا تريد الالتزام بالإصلاح، وإذا استمرَّت بعض أعمدة الأمم المتحدة، بما فيها الولايات المتحدة، في الإضرار بالتعدُّديَّة عن طريق اتِّخاذ خطواتٍ أحادية بشكل متزايد، سيكون الوقت قد آن لإعادة صياغة القيادة الدولية.
القضاء على الاحتكار من قبل الدول الكبرى، العالم أكبر من خمسة
وقال أردوغان يجب علينا أن نقضي على احتكار عدد صغير من الدول لقيادة العالم والمناداة بالقيادة الجماعية للدول الهادفة إلى إيجاد حلِّ لكبرى التحدِّيات العالمية. فإذا ثَبُتَ أنَّ القوى العظمى عازفة عن التصرف أو عاجزة عنه، فإن المجتمع الدوليَّ -تحت مظلَّة الأمم المتحدة أو منظَّماتٍ أخرى- ملزمٌ بفعل ما هو ضروري لإصلاح شؤون العالم.
وستكون تركيا أحد أعضاء هذا المجتمع. فعلى مدار العقدين الماضيين، ركَّزت دولة تركيا على توجيه الأنظار نحو القضايا المُهمَلَة. وأطلقت تركيا حملةً في عام 2013للتشديد على أن «العالم أكبر من خمسة«، في إشارةٍ إلى الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وحذَّرت من أنّ الأمم المتَّحدة تمرُّ بأزمة مصداقيةٍ خطيرةٍ وحثَّت جميع الأطراف على اتِّخاذ الخطوات اللازمة لنشر الديمقراطية والمساواة والتعدُّدية في المنظَّمة.
وتابع: «ما زلت أحثُّ المجتمع الدوليّ على إبطال ممارسة العضوية الدائمة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وزيادة عدد أعضائه إلى 20 دولةً، ووضع قواعد جديدةٍ تتناوب بموجبها جميع الدول على عضوية اللجنة».
ومع أن تركيا ليست بقوةٍ عسكريةٍ ولا اقتصاديةٍ عُظمى، فإنها قد ظهرت على الساحة كرائد عالمي من خلال مشاركتها في حلِّ أزمات العراق وسوريا وغيرهما. واليوم، هي موطن 4 ملايين لاجئٍ، منهم 3.5 مليون سوريٍّ، وهي كذلك من بين أكبر متبرِّعي العالم بالمساعدات الإنسانية. وينبغي للدول الأخرى في المجتمع الدوليِّ أن تؤدي دورها، وإن كان نظاق أزمة اللاجئين يوضِّح أنه من غير الممكن حلُّ المشاكل الملحة دون أن نعمل معاً من خلال المنظَّمات مثل الأمم المتحدة أيضاً.
هل تفكيك النظام العالمي الحالي هو الحل؟
وختم أردوغان قائلاً: «إذا أبت القوى الدولية المساعدة، فعلى سائر المجتمع الدوليِّ الأخذ بزمام الأمور وبدء عملية إصلاحٍ شاملةٍ في الأمم المتحدة. ففي نهاية المطاف، نحن لا نرى ضرورة تفكيك النظام العالمي الحالي لأجل بناء نظامٍ دوليٍّ أكثر ملاءمة. وهناك التزامٌ على جميع شعوب العالم بالوقوف جنباً إلى جنبٍ واتِّخاذ الخطوات الضرورية لتعميم السلام والاستقرار والأمان للبشرية كافةً».
وأضاف: «يتعيَّن على الجمعية العامة للأمم المتحدة أن تكون أكثر من مجرَّد مُلتَقى لزعماء العالم لإلقاء الخطب ومشاركة الشكاوى. بل يجب أن يشهد هذا العالم وضعنا حجر الأساس لنظامٍ جديدٍ في الأمم المتحدة».