أزمة الجزائر.. مبادرة عبد القادر بن صالح غير كاملة وتجاهلت الكثير
أطلق الرئيس الجزائري المؤقت، عبدالقادر بن صالح، مبادرة سياسية لتجاوز حالة الانسداد التي تشهدها البلاد، تتركز على تكليف شخصيات مستقلة بإدارة حوار شامل، وتتلخص بإطلاق حوار عاجل بقيادة شخصيات بمواصفات محدَّدة تتمثَّل في «عدم وجود انتماء حزبي أو طموح انتخابي شخصي، وتتمتعُ بسلطة معنوية مؤكدة، وتحظى بشرعية تاريخية أو سياسية أو مهنية». وهو ما يعني أن بن صالح رمى بالكرة في مرمى الساسة المعارضين وقادة الحراك، فكيف سيتم التفاعل مع هذه المبادرة؟
«الجيش سيلتزم الحياد»
- اختار بن صالح مناسبةَ الذكرى الـ57 لاستقلال البلاد، في 5 يوليو 1962، لعرض مبادرته الجديدة، قائلاً للجميع إن «الجزائر وطننا جميعاً، علينا أن نحميه ونعمل من خلال الحوار على توفير الأجواء الكفيلة ببناء مستقبله الواعد».
- مشدداً على أن كافة مؤسسات الدولة وفي مقدمتها الجيش ستلتزم الحياد إزاء عمل هذا الفريق، وستكتفي فقط بتوفير الجوانب المادية واللوجيستية لإنجاح الحوار.
- ولخَّص بن صالح هدفَ الحوار في التوصل إلى توافق على تنظيم انتخابات رئاسة ذات مصداقية في «أقرب الآجال»، وتحديد صلاحيات الهيئة العليا المستقلة، لتنظيمها كأهم عنصر في هذا المسار.
ما الذي تجاهلته مبادرة بن صالح؟
تعد هذه المبادرة بمثابة رمي للكرة من السلطة الحاكمة في مرمى الطبقة السياسية والحراك الشعبي، الذي سيُدرك جمعته العشرين غداً، للمطالبة برحيل رموز النظام، ولكن هناك بعض الملاحظات عليها:
- كشفت هذه المبادرة تمسُّك السلطات في البلاد «بالحل الدستوري» للأزمة.
- ورفضت أي مرحلة انتقالية طويلة الأمد.
- كما تجاهلت مطالبَ برحيل رموز نظام الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، وعلى رأسهم عبدالقادر بن صالح، وحكومة نور الدين بدوي.
- وأحالت المبادرة مطالبَ الإصلاحِ إلى الرئيس المستقبلي «المنتخب بشكل ديمقراطي، الذي سيتمتَّع بالثقة والشرعية اللازمتين، وكذا بالصلاحيات الكاملة التي تمكِّنه من تولِّي تحقيق هذه الرغبة العميقة في التغيير».
- كما فتحت المبادرة باب التساؤلات حولَ هُوية «الشخصيات المستقلة» التي ستقود هذا الحوار.
ردود فعل متباينة بين الجزائريين على المبادرة
المحتجون الجزائريون طالبوا برحيل جميع وجوه النظام السابق وحتى الرئيس المؤقت الحالي عبدالقادر بن صالح/ رويترز
- تفضيل الصمت: فضَّلت أغلب الأحزاب السياسية في البلاد التزام الصمت إزاء هذا العرض من الرئاسة، فيما فضَّل بعضُها أخد الوقت اللازم للتفكير بشأنها ودراستها بجدية، كما قيل للأناضول خلال تواصلها مع قيادات حزبية.
- خطوة إيجابية: وعلى شبكات التواصل الاجتماعي وصفت أولى ردود الفعل هذه المبادرة بـ «الخطوة الإيجابية»، في انتظار تحديد هوية الشخصيات التي ستُشرف على الحوار، فيما لا يزال البعض من الناشطين يتوجَّس من مبادرات السلطة مهما كانت طبيعتها. وكتب فاتح ربيعي، الأمين العام السابق لحركة النهضة (إسلامي) تغريدةً جاء فيها «خطاب بن صالح، صالحٌ ليتحوَّل لخارطة طريق تفكُّ خيوطَ الأزمةِ وتُلبِّي مطالبَ الحراك، إن تحقَّق شرطُ صلاح لجنة الإشراف على الحوار».
- البحث عن ضمانات: كما علَّق الإعلامي الجزائري قادة بن عمار على المبادرة بالقول: «بن صالح يقول إن هيئة من شخصيات مستقلة ستقود الحوار الوطني الشامل، وإن الدولة لن تشارك، ولا المؤسسة العسكرية «حرصاً على الحياد… جيد!»واستدرك بالقول: «لكن ننتظر معرفة هوية هذه الشخصيات، والحكم عليها بموضوعية، وما هي الضمانات بأن يؤدي هذا الحوار لتنظيم انتخابات شفافة، بعد الاتفاق على هيئة مستقلة تشرف على ذلك!».
أما زهير بوعمامة، أستاذ بكلية العلوم السياسية بجامعة تيبازة، فقد علق قائلاً: «خطاب رئيس الدولة المؤقت يرسم خارطة طريق معقولة نظرياً، حاول أن يضع المعالم الكبرى دونما التورُّط في التفاصيل التي تُركت للطبقة السياسية وقوى الحراك للتوافق عليها في مخرجات الحوار الوطني المعلن عنه».
من جانبها كتبت نادية شويتم، النائب بالبرلمان عن حزب العمال المعارض، منشوراً على صفحتها بموقع «فيسبوك»، جاء فيه: «شكراً السيد بن صالح، برهنتَ مرةً أخرى للمتردِّدين أنَّ النظام صمٌّ بكمٌ. لا يسمع لشعبه ولا يراه!».
ويشار إلى أن أهم أقطاب المعارضة في البلاد، استعدّوا لمؤتمر غير مسبوق، السبت القادم 6 يوليو، لبحث «خارطة طريق مشتركة، لِتجاوُز الانسداد الحاصل»، وكلفوا وزير الإعلام الأسبق عبدالعزيز رحابي بالإشراف على هذا المؤتمر.