“أزرق أبيض” يفلت من كماشة نتنياهو ويخرق بالون الليكود بدبوس لبيد
شهد ميدان رابين إحدى المظاهرات الغريبة، وكان يجب أن تكون مظاهرة للشباب ضد حملة انتخابات ثالثة، لكن ذلك لم يكن… حفنة منتقاة من الأطفال والمراهقين تجمعوا حول عدد من الأشخاص الذين اعتبروا أنفسهم من القلائل الذين يعنيهم الأمر. الموجهة شني بيبي، التي قدمت نفسها كابنة لوالدين أصمين، ومنظم “الحارس الجديد”، ايفان رفمان، شكراً مئات الأشخاص، الذين ببساطة “لم يكونوا هناك”. حتى الآن لا أعرف ما المصلحة الأساسية من تنظيم هذا الحدث، لكن إذا قبلنا الإعلان ببساطة وبأن الأمر يتعلق بالتعبير عن صرخة الشعب الذي سئم الانتخابات، فتلك صرخة لا توجد في الحقيقة.
ثمة ما هو خلف ذاك الشعار الفارغ “المستشفيات تنهار وهم يذهبون إلى الانتخابات!” الذي يطلقه هؤلاء الأشخاص. وبتفكير معقد بدرجة ما، فإن الإسرائيليين يفهمون بعمق أن هناك حاجة إلى حملة انتخابات أخرى، ويشعرون بأن هناك حرباً ثقافية وقيمية بين شعبين هما ظاهرياً شعب واحد، وأن بنيامين نتنياهو، الذي تجري هذه الانتخابات على مسألة زعامته، مثل سابقاتها، هو رمزها الأكبر في الآونة الأخيرة، هو الكوة التي انطلق الدخان من خلالها، لكنه أيضاً المسؤول عن توسيع الشرخ بين المعسكرين إلى درجة انقسام لا يمكن إصلاحه، وفقا لصحيفة “هآرتس” العبرية.
صحيح أن الانتخابات قد تثير أهوالاً مثل ائتلاف حصانة وسموتريتش، ويمكن أن تمضي بإسرائيل نحو مستقبل محبط جداً. هذا الأمر موضوع على الطاولة، وهذا هو اللعبة الديمقراطية. أخطار يوجد منها الكثير، لكن هناك أسباباً جيدة للتفاؤل. قوة مهمة “أزرق أبيض”، الحزب غير البيبي، ينفذ المهمة حتى الآن بصورة جيدة (مع مساعدة ضرورية جداً من افيغدور ليبرمان وصراع السفاحين الذي يجريه ضد نتنياهو). ورغم الأزمات الداخلية والاختلافات في الرأي والادعاءات المتبادلة، تصل هذه القوة في رزمة واحدة إلى جولة الانتخابات الثالثة، ويتوقع أن تزداد قوته فيها.
“قمرة القيادة” هي تعريف غبي وطفولي جداً، لكنه يشمل السياسي مع منحنى التعلم الأكثر حدة في الفترة الأخيرة، الذي يدين له “أزرق أبيض” بنجاحه. يئير لبيد قام بالقفزة الكبيرة الأكثر أهمية في الخارطة السياسية، ومنذ انضمامه لبني غانتس فقد رد على الواقع السياسي بصورة أفضل مع إظهار الوعي الشخصي المستمر والموضوعي. لا يدور الحديث عن حلم تحطم لدى أشخاص لهم “أنا” وتطلعات بحجم كبير. فهم لبيد بأنه لن يكون رئيساً للحكومة، وتوقف عن التنكر كيميني والاستخذاء أمام المتدينين، وعرف أنه من الأفضل له ولمؤيديه، ولدولة إسرائيل بشكل عام، أن يربط مؤهلاته والقدرة التنظيمية للجماعة المنضبطة لديه مع المعسكر الذي هو حقاً ينتمي إليه – المعسكر العلماني والليبرالي (المعسكران، بالمناسبة، يتحفظان من العرب. والفرق يكمن في المعاملة العلنية والأسلوب).
إن صمود لبيد أمام الانضمام لحكومة نتنياهو وتنازله عن التناوب الوهمي مع بني غانتس، الخطوة التي ستخرج من دعاية الليكود كمية كبيرة من الهواء، هي العمل المعارض البارز والأكثر تأثيراً ضد حكم نتنياهو. ومن غيره، كان من المعقول أن يدخل “أزرق أبيض” إلى فكي كماشة حيلة معينة من إنتاج نتنياهو، وكان سيصل إلى الانتخابات القادمة وليس لديه سبب للوجود. ولكن إذا حدثت كارثة معينة ونجح نتنياهو في العودة من غرفة الأموات السياسية فإن رؤساء حكومة إسرائيل القادمين، بني غانتس أو أي شخص من رؤساء الليكود الذي سيتبادل معه التناوب، سيكونون مدينين للبيد بالمنصب. وربما ستكون دولة إسرائيل مدينة له أيضاً.