أردوغان يهدد دمشق وتبادل اتهامات بين أنقرة وموسكو
صعّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأربعاء النبرة ضدّ روسيا حليفة النظام السوري، متهما إياها بارتكاب “مجازر” في إدلب بشمال غرب سوريا، فيما وصلت تعزيزات تركية جديدة إلى المنطقة.
وهدد أردوغان بضرب قوات النظام السوري “في كل مكان” في حال تعرض جنوده لأذى، لكن روسيا ردت باتهام الأتراك بعدم “تحييد الإرهابيين” في محافظة إدلب آخر معاقل المعارضة في سوريا.
وعززت تركيا مواقعها العسكرية في الأيام الأخيرة في المنطقة، حيث وصلت مئات الآليات المحملة بقوات خاصة ومدافع وعسكريين منذ الجمعة إلى بلدة بنش الواقعة شمال شرق مدينة إدلب، كما أفاد مراسل لوكالة فرانس برس.
وأعلن مسؤولون أتراك أن 14 عسكرياً تركياً قتلوا وأصيب 45 آخرون في قصف نفذته قوات النظام السوري في محافظة إدلب خلال الأيام التسعة الماضية، مؤكدين أن تركيا ردت بقتل العديد من القوات السورية في محاولة لصدها.
وحققت قوات النظام السوري، المدعومة بغارات جوية روسية، تقدماً في عمليتها التي أطلقت في كانون الأول/ديسمبر لاستعادة محافظة إدلب على الرغم من اتفاق سوتشي لوقف إطلاق النار المبرم عام 2018 بين تركيا وروسيا.
وأدت العملية التي سيطرت خلالها القوات السورية على العديد من البلدات وطريق دولي أساسي إلى مقتل مئات المدنيين ونزوح الآلاف في ظلّ ظروف مناخية قاسية.
– “مجموعات إرهابية” –
وفي موقف قل مثيله، انتقد أردوغان روسيا بشكل مباشر خلال اجتماع لكتلة حزبه الحاكم العدالة والتنمية الأربعاء في البرلمان، بقوله إن “النظام والقوات الروسية التي تدعمه تهاجم المدنيين باستمرار وترتكب مجازر”.
وأضاف أن تركيا ستفعل “كل ما هو ضروري” لرد قوات النظام السوري إلى خلف نقاط المراقبة الاثنتي عشرة التي أقامتها في إدلب بموجب اتفاق سوتشي سعياً لمنع النظام من شن هجومه على المحافظة المتاخمة لها.
وقال أردوغان: “أعلن أننا سنضرب قوات النظام في كل مكان اعتبارا من الآن بغض النظر عن اتفاقية سوتشي، في حال إلحاق أدنى أذى بجنودنا ونقاط المراقبة التابعة لنا أو في أي مكان آخر”.
رداً على ذلك، اتهمت روسيا تركيا بعدم الالتزام باتفاق عام 2018.
وأوضح المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أن تركيا “ملزمة بتحييد المجموعات الإرهابية” بموجب الاتفاق، لكن “كل تلك المجموعات تهاجم القوات السورية وتقوم بأعمال عدوانية ضد المنشآت العسكرية الروسية”.
ووصفت دمشق الأربعاء الرئيس التركي بأنه شخص “منفصل عن الواقع” بعد تهديده باستهداف القوات السورية في “كل مكان”، بحسب ما قال مصدر في وزارة خارجية النظام السوري، وفق ما نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).
وبموجب الاتفاقات الثنائية الروسية-التركية، على المجموعات المتطرفة الانسحاب إلى منطقة منزوعة السلاح في إدلب التي تسيطر عليها فصائل معارضة وجهادية.
وفي اتصال هاتفي في وقت سابق، عبّر الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان عن رغبتهما “بالتطبيق الكامل” لاتفاقات خفض التصعيد الروسية-التركية في سوريا بحسب بيان صادر عن الكرملين.
وأكدت الرئاسة التركية الاتصال لكن لم تذكر تفاصيل.
– مواجهات بين واشنطن وقوات موالية للنظام-
أجرى وفد روسي ضم مسؤولين عسكريين وأمنيين جولتين من المحادثات في أنقرة هذا الأسبوع لكن لم يصدر عنها أي اتفاق ملموس.
وفي مؤشر إلى رغبة تركيا مواصلة الحوار مع روسيا، أعلن وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو أن وفداً تركيا سيذهب إلى موسكو “خلال الأيام المقبلة”.
وقال: “نواصل العمل مع روسيا، نعمل على تحقيق وقف دائم لإطلاق النار. لكن حتى ولو لم ينتج شيء عن ذلك، تصميمنا واضح وسنفعل ما يلزم”.
وفي ظل التوتر الروسي التركي حول إدلب، أعربت واشنطن عن دعم واضح للسلطات التركية.
وأجرى المبعوث الأمريكي الخاص لسوريا جيمس جيفري محادثات مغلقة مع مسؤولين أتراك حول “الوضع الإنساني على الأرض والعملية الإنسانية” في سوريا، وفق ما أكد مصدر دبلوماسي تركي.
وكان أعلن عند وصوله مساء الثلاثاء إلى أنقرة أن واشنطن تريد دعم تركيا “قدر الإمكان”.
وتخشى تركيا التي تأوي أصلاً 3,7 ملايين لاجئ سوري من تدفق جديد للنازحين عبر حدودها في حال سقطت إدلب بيد النظام، وأبقت حدودها مغلقة أمام فارين جدد.
في غضون ذلك، قتل شخص موال للنظام في تبادل لإطلاق النار بين قوات أميركية وقوات موالية للنظام في بلدة خربة عمو جنوب شرق مدينة القامشلي، وفق ما أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان ومراسل لفرانس برس.
وأوضح التحالف الدولي بقيادة واشنطن في بيان: “قامت قوات التحالف بالرد على النيران كمحاولة للدفاع عن النفس”، أثناء مرورها قرب حاجز لقوات موالية للنظام.