أجندة ترامب المعادية للفلسطينيين لا تضر بهم فحسب بل وبإسرائيل
يري كاتب صحيفة «واشنطن بوست» إيشان ثارور أن أجندة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المعادية للفلسطينيين ستؤذي في النهاية إسرائيل. وقال إن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) أسهمت بمساعدة الفلسطينيين لسبعة عقود تقريباً ولو مرر ترامب ما يريد فستتوقف عن العمل قريباً. وأشار إلى إعلان الإدارة يوم الجمعة التوقف عن المساهمة في الميزانية السنوية للأونروا التي أنشئت عام 1949 لمساعدة أكثر من 700 ألف لاجئ فلسطيني هربوا من بلادهم بعد قيام إسرائيل.
واعتمدت الوكالة على متبرعين طوعيين كانت الولايات المتحدة المساهم الأكبر فقد ظلت الجمعية العامة للأمم المتحدة بتجديد ميثاقها مع استمرار النزاع الفلسطيني – الإسرائيلي. وعلى مدى عقود زاد عدد اللاجئين في مخيمات الضفة وغزة والأردن ولبنان وسوريا إلى خمسة ملايين. ويناقش البيت الأبيض والحكومة المتطرفة في إسرائيل أن حالة اللجوء يجب أن تقتصر على اللاجئين الأصليين وليس على أبنائهم ولا أحفادهم، وهو تحرك يتناقض مع عمليات الأمم المتحدة الاخرى التي تمنح صفة اللجوء لأحفاد المشردين.
وفي مؤتمر عقد في واشنطن الأسبوع الماضي تحسرت مندوبة الولايات المتحدة في نيويورك نيكي هيلي شاكية «من العدد الذي لا ينتهي من اللاجئين الذين يحصلون على المساعدات ومن مواصلة الفلسطينيين الهجوم على أمريكا». وصفق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وعدد من السياسيين البارزين في إسرائيل لقرار ترامب. وفي الوقت نفسه يحاول مسؤولو الأمم المتحدة الحصول على تمويل من الإتحاد الأوروبي والدول العربية حيث يرون أن الأونروا ضرورية حتى التوصل لسلام ذي معنى بين الطرفين. وقال بيير كرنبول المفوض العام للأونروا « هناك شيء واحد يطيل وضع اللاجئين بمن فيهم الفلسطينيون وهو فشل المجتمع الدولي الذريع لتحقيق حل عادل وشامل للنزاع». ويرى ثارور أن التحرك ضد الأونروا هو آخر ضربة يوجهها ترامب للفلسطينيين. وجاءت بعد قطع الولايات المتحدة الدعم للفلسطينيين في غزة والضفة الغربية وكذا قرار الإدارة الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل والذي نظر إليه كرفض لحق الفلسطينيين في القدس الشرقية التي يرونها عاصمة لدولتهم في المستقبل.
وأدت تحركات ترامب لتهميش السلطة الوطنية الضعيفة أصلا والتي يقودها محمود عباس والذي يعد المفاوض الرئيس في أية مباحثات محتملة للتسوية. وفي الوقت الذي يؤكد فيه ترامب وجنرالاته أنهم يحثون الخطى نحو «الصفقة الكبرى» فقد صار من الواضح أن البيت الأبيض في تماهٍ آيديولوجي تام مع نتنياهو وحكومته والتي تضم وزراء يقولون صراحة أن الفلسطينيين لن يحصلوا على دولتهم.
ونقل موقع «إنتريست» عن خالد الجندي، الزميل في معهد بروكينغز لسياسات الشرق الأوسط قوله «كانت الإدارات السابقة ميالة تجاه الإسرائيليين أيضا وما هو مختلف اليوم أن العوامل المسكنة في صناعة القرار مثل المصالح القومية الأمريكية والرغبة بالظهور بمظهرالمنصف لم تعد موجودة. وبدلًا من ذلك فلدينا سياسات محلية وآيديولوجيا في أوضح أشكالها تقوم بإملاء السياسة الأمريكية على هذا الموضوع». وسيكون هذا كارثياً، على الأقل في المدى القريب للفلـسطينيين الذين يعتمدون على الأونـروا.
مخاطر على إسرائيل
ويرى الكاتب أن قرار ترامب أدهش المؤسسة الإسرائيلية الأمنية التي تخشى من كارثة إنسانية وهي مخاوف يشارك فيها عدد من صناع السياسة في واشنطن. وعلى المدى البعيد فهناك مخاطر على إسرائيل أيضاً، فقد تبنى نتنياهو نزعة قومية دفعت باتجاه قانون مثير للجدل يهمش من حقوق الأقليات ويعطي اليهود الحق الأعلى. وعلى الصعيد الدولي يتقرب رئيس الوزراء من الديكتاتوريين الجاهزين لدعم إسرائيل على المستوى الدولي حتى ولو كانوا من أصحاب السجلات في معاداة السامية. وعمل جاهداً على حرف الإنتباه عن السلام مع الفلسطينيين لمواجهة إيران. وبناء على هذا المشروع أقام علاقات دافئة مع دول عربية مثل مصر والسعودية والإمارات العربية المتحدة. وكما كتب المعلق الإسرائيلي في صحيفة «هآرتس» أنشيل بيفر «يقول الديكتاتوريون العرب علانية أن سلامًا كاملا مع إسرائيل ولكنهم سراً يقتربون أكثر من إسرائيل. وبالتأكيد فمصلحتهم المشتركة لمواجهة إيران وتنظيم «الدولة» يتفوق على أي تضامن عربي مع الفلسطينيين». كل هذا منح نتنياهو موقعاً متسيداً للسياسة الإسرائيلية لكنه يعرض إسرائيل وعلى المستوى العالمي للنقد خاصة أنه يقوم مع مع ترامب بحث التراب على نعش حل الدولتين. فحركة المقاطعة الدولية ناشطة وتدعو الحكومات لمقاطعة إسرائيل طالما واصلت احتلال الفلسطينيين وأصبحت قضية مهمة في السياسة الدولية.
ومع تراجع الدعم الحزبي لإسرائيل في الولايات المتحدة فسياسات نتنياهو تعرض إسرائيل للنقد. وكتب ناثان ثرول، الخبير في السياسة الإسرائيلية والفلسطينية في صحيفة «غارديان» إن التحالف بين إسرائيل واليمين المتطرف في أوروبا والولايات المتحدة أصبح التيمة الرئيسية في حملة المقاطعة وبهذه المثابة فقد كان عهد ترامب مفيداً لها» ولهذا «كانت حكومة نتنياهو التي تهاجم حركة المقاطعة واحداً من اهم الدافعين للتجنيد لها ومنحها تغطية إعلامية».