أتراك وعرب يستجيبون لأردوغان عقب حديثه عن ضرب تركيا واقتصادها
ليس التقلب أمراً جديداً على المتاجرين بالذهب في البازار الكبير بإسطنبول، وهو أقدم مركز تسوُّق في العالم، لكنَّ الأسبوع الأخير كان استثنائياً، حتى بمعاييرهم.
ذلك أنَّ الناس، مع تراجع الليرة، توافدوا على المتاجر لا لشراء الذهب، كما قد يُتوقَّع، وإنما لبيعه، في استجابةٍ حماسية من الوطنيين الذين حثَّهم الرئيس رجب طيب أردوغان على دعم العملة الهابطة، وفق صحيفة “ذا تايمز” البريطانية.
قال أحد التجار الذي لم يرد إعطاء اسمه: «بدأ الأمر منذ 10 إلى 15 يوماً. ارتفعت أسعار الذهب كثيراً في الأسبوعين الماضيين إذ يعتقد الناس دائماً أنها سوف تنخفض غداً. يفد إلى محلي 200 شخص يومياً لبيع ذهبهم».
كانت العملة التركية قد هبطت مقابل الدولار منذ توقُّف المفاوضات مع الولايات المتحدة لإطلاق سراح المُبشِّر الأميركي أندرو برونسون، المتهم بارتباطه بالانقلاب الفاشل عام 2016. وقد تسبَّبت العقوبات التي فرضتها واشنطن في حدوث انخفاضٍ.
ألقى أردوغان باللائمة في انخفاض العملة على مؤامرة أجنبية و»حرب اقتصادية» تُشَنُّ ضد البلاد، وحثَّ الأتراك على المقاومة من خلال تغيير مدخراتهم من العملة الأجنبية والذهب إلى الليرة. وقد استجاب الكثيرون لدعوته، بفعل خطابه القومي. ويقدم أحد المتاجر المملوكة للسوريين في مدينة إزمير الغربية علبة مجانية من القهوة لأي شخص يعرض فاتورة تظهر أنه قد غيَّر 100 دولار مقابل الليرة.
وقد تدفَّق السكان المحليون على بازار إسطنبول قاصدين مكاتب الذهب للاستعلام عن الأسعار وتغيير ذهبهم، على الرغم من أنَّ الكميات التي كانوا يتاجرون فيها كانت صغيرة بالنسبة لمعظم الناس. وقال التاجر: «الأغنياء يبقون كل شيء بالدولار واليورو والذهب. الفقراء فقط هم من سوف يُغيِّرون ما لديهم إلى الليرة. سوف يزداد الأغنياء غنى بفعل ذلك، ويزداد الفقراء فقراً».
ويتحقَّق التجار من سعر بضاعتهم، كل دقيقة، بينما يبيعون ويشترون قطعاً صغيرة مختومة بوجه كمال أتاتورك، مؤسِّس تركيا الحديثة. وكانت أسعار الذهب العالمية قد تراجعت في الأيام الأخيرة بينما زادت قوة الدولار لكن في تركيا ترتفع التكلفة مع تراجع الليرة. ففي الأسبوع الماضي، كان غرامٌ واحد من الذهب يُباع مقابل 190 ليرة في البازار، أما أمس فقد وصل سعر التداول إلى حوالي 300 ليرة. وقال تاجر ذهب آخر: «لقد انتهت الليرة التركية. أصبحت مجرد ورقة مالية الآن».
كويتيون ووافدون يدعمون تركيا بشراء عملتها
تشهد محال الصرافة في الكويت إقبالاً من المواطنين والوافدين الراغبين في شراء العملة التركية، في خطوة رافضة لما تتعرض له أنقرة من حرب اقتصادية.
ولم يكتفِ الكويتيون بدعم أنقرة عبر شراء الليرة، بل تعدى ذلك إلى تكثيف الرحلات السياحية للمدن والولايات التركية، التي تسجل نمواً لافتاً في عدد الزوار.
والتقى مراسل الأناضول، ببعض المواطنين والمقيمين، الذين بادروا بشراء الليرة التركية، وأكدوا مساندتهم لتركيا في وجه الحرب الاقتصادية التي تواجهها.
إقبال على الشراء
وقال محمد الشمري (كويتي) إنه اشترى مبلغاً من المال بالليرة التركية لاستخدامه أثناء زيارته في عطلة العيد لها.
وأضاف الشمري أنه سيقضي الإجازة في مدينة طرابزون التركية، التي اعتاد زيارتها كل عام.
وبيّن أن زيارته هذا العام لها أهمية أخرى، يريد أن يعبر من خلالها عن دعمه للاقتصاد التركي.
من جهته، قال مشعل العبدان (كويتي) إنه اعتاد زيارة تركيا كل عام، وهو مغادر إليها في ثاني أيام العيد ليكمل بقية العطلة فيها.
وأضاف أنه اشترى مبلغاً من المال بالليرة التركية؛ دعماً لاقتصادها في هذه الأيام، مبدياً تفاؤله بقدرة تركيا على تجاوز العقبة التي تواجهها.
بينما أبوهاشم (مقيم سوري) قال للأناضول إن «الواجب يقتضي الوقوف إلى جانب تركيا في هذه الأزمة».
وأضاف أنه اشترى مبلغاً من المال بالعملة التركية، رغم أنه لن يستطيع السفر حالياً.
من ناحيته، قال مينا جرجس، وهو موظف في إحدى شركات الصرافة، إن الإقبال على شراء العملة التركية ازداد، أمس، عن المعتاد، وبدأ الطلب يرتفع قليلاً على العملة التركية.
وأضاف جرجس، للأناضول، أن البعض يشتري مبالغ قليلة، وآخرون يشترون مبالغ أكثر حسب احتياجاتهم واستعمالاتهم. وأشار إلى أن المشترين من المواطنين والمقيمين.
من جهته، أكد كمال كبشة، وهو مدير أول قطاع السياحة لدى شركة «ناس» للطيران (خاصة)، أن الطائرات المتجهة من الكويت إلى تركيا ممتلئة، «من الصعب خلال هذه الفترة الحصول على حجز بشكل يسير».
ولفت كبشة، في حديث مع الأناضول، أن «الأسعار (التذاكر) من الكويت إلى تركيا والعكس آخذة بالارتفاع في ظل الإقبال الشديد».
ادعم تركيا تنصر أمتك
وفي سياق دعم الليرة التركية، أطلقت منظمة الأمة للتعاون العربي التركي حملة بعنوان «ادعم تركيا تنصُر أمتك»، دعت فيها المؤسسات والمنظمات والهيئات العربية والشعبية، للمشاركة في دعم حملة مواجهة الحرب الاقتصادية على تركيا.
وحددت المنظمة آلية الحملة، التي تتضمن خطوات منها مساهمة 10 ملايين مسلم في شراء وادخار كل واحد منهم 1000 ليرة تركية، وعدم التعامل بالدولار الأميركي، وشراء المنتجات التركية ومقاطعة المنتجات الأميركية.
كذلك، حثت على تحويل المدخرات والودائع من البنوك الأميركية، إلى البنوك التركية، وتعزيز السياحة التركية، وتوجيه الاستثمارات العربية والصناعية والتجارية من أميركا إلى تركيا.
وأسست منظمة الأمة للتعاون العربي التركي قبل 6 سنوات، وتعمل على تنفيذ نشاطات ثقافية عديدة، لتقريب وجهات النظر بين العالمين العربي والتركي.
وكتب جمعان الحربش، النائب في مجلس الأمة (البرلمان) الكويتي، في حسابه على تويتر: «دعم الاقتصاد التركي بالإضافة لكونه واجباً أخلاقياً تجاه شعب مسلم، إلا أنه يحقق توازناً إقليمياً هاماً».
وأضاف: «من الواضح أن تقديم الانتخابات كان ضربةً قاضية للمتآمرين على تركيا، لذلك فالحرب الاقتصادية لن تحقق ما فشل الانقلاب في تحقيقه».
أما النائب السابق فيصل المسلم فكتب في حسابه على تويتر: «الحرب الاقتصادية على تركيا وشعبها بلغت حداً خطيراً، ونجاحها سيجعل ضررها يمسّ كل بلدان وشعوب المنطقة، والدفاع عن تركيا المسلمة وشعبها واجب».