آلاف الأتراك كانوا أسرى في معارك شبه الجزيرة العربية
يحي العالم هذه الأيام ذكرى مرور قرن على وضع الحرب العالمية الأولى أوزارها بانتصار بريطانيا وفرنسا وغيرها على ألمانيا والسلطنة العثمانية.
وقد شهدت المنطقة العربية معارك عدة بين الحلفاء والعرب الذين وقفوا إلى جانبهم والقوات التركية، وكان العراق وشبه الجزيرة العربية من أهم ساحات هذه المعارك التي انتهت بهزيمة القوات العثمانية وخروجها من الأراضي العربية.
واندلعت ما عرف آنذاك بـ “الثورة العربية الكبرى ” في العام الثالث من الحرب العالمية الأولى التي بدأت عام 1914 وانتهت عام 1918، وقد اندلعت شرارتها عندما قام مقاتلون عرب غير مدربين على خوض عمليات قتالية مثل الجنود النظاميين، في شهر يونيو/حزيران عام 1916 بشن هجوم على الحاميتين العثمانيتين في كل من مكة والمدينة.
وعند إخفاق الهجوم في تحقيق أي نجاح تراجعت القوات المهاجمة بعد أيام قليلة وفرضت الحصار على الحاميتين، ولم يطل الوقت كثيراً إذ استسلمت حامية مكة، لذلك أرسلت بريطانيا تعزيزات عسكرية لمساعدة القوات العربية ومن بينها كتيبة مدفعية قدمت من مصر التي كانت تحت الاحتلال البريطاني وشاركت بفعالية في السيطرة على مكة في شهر يوليو 1916.
مقاومة
لكن حامية المدينة استعصت على المهاجمين بسبب استمرار وصول الإمدادات إليها من سوريا عبر سكة حديد الحجاز، وعززت القوات التركية قواتها في المدينة.
وبعد ذلك استعدت القوات التركية للزحف على مكة للقضاء على التمرد هناك، واصطدمت تلك القوات مع مقاتلين عرب قادهم الأمير فيصل ابن الشريف حسين بن علي، ونجحت القوات التركية في الوصول إلى مسافة 30 كم من مرفأ رابغ على البحر الأحمر وأخفقت القوات العربية في وقف زحف القوات التركية النظامية.
ولجأت القوات العربية إلى مهاجمة خط الإمداد الخلفي للقوات التركية، وهو سكة حديد الحجاز التي تمتد لمسافة 1300 كم تقريبا وهي المسافة بين المدينة ودمشق.
ففي أوائل 1917 تركت قوات فيصل مكة ورابغ واتجهت شمالا نحو منطقة “وجه” على بعد 320 كم شمالي مكة، وحتى قبل أن تخوض هذه القوات أي معركة ضد القوات التركية كان الذعر قد دب في صفوف الأخيرة، وانسحبت قواتهم من أطراف رابغ الى المدينة.
تحصن نصف القوات التركية في المدينة بقيادة الجنرال عمر فخر الدين باشا وقاومت الهجمات العربية وحافظت على مواقعها حتى أوائل عام 1919 بينما نُشر النصف الآخر على طول سكة الحجاز بهدف حمايته من هجمات رجال القبائل العرب.
مشاركة
كما شاركت البحرية والطيران البريطانيان في قصف أهداف تركية على سواحل البحر الأحمر وتمكنت القوات العربية من السيطرة على كل موانىء البحر الأحمر ومدنه وأُلقي القبض على مئات الجنود الأتراك الذين زُج بهم لاحقا في المعارك ضد القوات التركية.
وأرسلت بريطانيا وفرنسا جنودا من مصر وشمالي أفريقيا والهند للمشاركة في المعارك ضد القوات التركية، ومن أبرز القادة الذين شاركوا في المعارك من حيث التوجيه والقيادة كان لورانس العرب.
ففي عام 1917 شنت قوات الأمير فيصل وبتوجيه من لورانس العرب هجوما خاطفا على ميناء العقبة واستولت عليه، ونجحت القوات العربية في احتلال مساحة 160 ألف كيلو متر مربع دون أن تتكبد أي خسائر تذكر.
وبنهاية الحرب وتوقف المعارك وقع 35 ألف جندي تركي في أسر القوات العربية بينما قتل وأصيب عدد مماثل منهم.
واستمرت المعارك بين القوات العربية والجيش التركي حتى أواخر عام 1918 وسط تراجع مستمر للأتراك ووصلت القوات العربية إلى العاصمة السورية دمشق بنهاية الحرب وتزامن ذلك مع التوصل إلى اتفاقية مودروس بين الحلفاء والسلطنة العثمانية التي أنهيت بموجبها المعارك بين الطرفين.