الملك محمد بن سلمان..توطيد أركان النظام وأصعب انتقال للحكم بالسعودية
تتجه أنظار العالم أجمع إلى المملكة العربية السعودية، وسط توقعات بتنصيب قريب للملك محمد بن سلمان، ولي العهد الحالي، خلفا لوالده الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، والإعلان عن مرحلة جديدة في الحكم يقودها جيل الأحفاد بعد أبناء الملك المؤسس.
وجاءت التطورات الأخيرة وحملة التطهير ومحاربة الفساد أو الزلزال الذي حدث باعتقال 40 من الأمراء النافذين والمؤثرين في الحكم وعدد من المسؤولين والوزراء، لتكشف عن دخول ترتيبات انتقال الحكم مراحلها الأخيرة، بل إن دوائر صنع القرار في العالم حاليا تتعامل مع بن سلمان على أنه الحاكم الفعلي للبلاد حاليا.
أصغر ملك في تاريخ السعودية
وبحسب تقارير غربية فإن الدوائر السياسية والاستخباراتية في الغرب تنتظر لحظة إعلان تسليم الحكم إلى القيادة الجديدة، ليتخلى الملك سلمان ، 81 عاما، عن الحكم لنجله ولي العهد، 32 عاما، ليصبح أصغر ملك في تاريخ المملكة.
كما أن تنصيب بن سلمان ملكا سيكون أول انتقال للحكم والملك السابق على قيد الحياة، فضلا عن أنه سيكون بداية صعود الجيل الثاني من أبناء الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود، إلى سدة الحكم بعد أن انتهى دور الأبناء وجاء الوقت ليتولى الأحفاد المهمة.
ونقلت وكالة رويترز عن مسؤولين غربيين، أن القرار سيكون له تأثير كبير على العالم سواء اقتصاديا أو سياسيا أو حتى أمنيا، وبمجرد ظهور شائعات حول تسليم الحكم في المملكة ارتفعت أسعار النفط، أمس الجمعة، في السوق العالمية.
ومن المتوقع أن العام الحالي لن يمر إلا ومحمد بن سلمان يحمل لقب الملك الجديد للمملكة العربية السعودية بعد أن تهيأت كل الظروف الداخلية والاقليمية وحتى الدولية لتحقيق هذا الأمر.
انتظار الإعلان الرسمي
ويتوقع المراقبون أن مغادرة الملك سلمان مقر الحكم في الرياض إلى المدينة المنورة، جاء في إطار ترتيبات انتقال الحكم رسميا إلى ولي العهد والذي سيجري الإعلان عنه قريبا، ربما في غضوان أيام أو أسابيع على أقصى تقدير.
واستندوا في رؤيتهم عن قرب إعلان محمد بن سلمان ملكا، إلى أن جميع الأمراء النافذين سياسيا واقتصاديا وأمنيا في المملكة قيد الإقامة الجبرية الأن وأصبحوا معزولين عن مراكز اتخاذ القرار.
ويأتي تتويج ممد بن سلمان بالملك بعد التطورات الأخيرة واعتقال عدد كبير من الأمراء على رأسهم الملياردير النافذ اقتصاديا الوليد بن طلال، وكذلك الأمير القوي متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز، وزير الحرس الوطني وأكثر الأمراء سطوة ونفوذا في الجيش، ومعهم مجموعة من الأمراء المعروف عنهم انتقادهم لنظام الحكم الحالي.
وجاءت الاعتقالات بعد اتهامات بالتورط في قضايا فصاد أعلنت المملكة أنها الأكبر في تاريخها.
وقبل الإعلان المتوقع لتنصيب الملك محمد بن سلمان، تم أيضا إقصاء الأميرمحمد بن نايف، ولي العهد السابق ووزير الدفاع السابق أيضا، والذي كان لسنوات مسيطرا على الأجهز الأمنية في المملكة، في عملية انتقال سلسلة لولاية العهد وتصعيدبن سلمان ليكون الرجل الثاني في المملكة.
وتوقعت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية أن تكون حملة الاعتقالات الجديدة مرتبطة بتعزيز سلطة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وبالإصلاحات الواسعة النطاق غير المسبوقة التي يقوم بها.
وقالت الصحيفة إن اعتقال الأمراء جاء تصعيدا للحملة التي أطلقتها القيادة السعودية الجديدة بهدف توطيد سلطة الأمير محمد بن سلمان، في وقت من المتوقع فيه أن يتخلى الملك سلمان بن عبد العزيز عن السلطة قبل نهاية العام الجاري، أو في أوائل العام المقبل، حسب ما نقلته الصحيفة عن مصادر “مطلعة”.
الانتقال الأصعب للحكم السعودية
ودائما ما كان انتقال السلطة في السعودية يجري بين الإخوة من أبناء الملك عبدالعزيز وفق قواعد صارمة وهيئة البيعة، لكن البعض كان يتوقع أن انتقال الحكم من الأبناء إلى الأحفاد سيكون الأصعب والأكثر إثارة للقلق، لوجود عدد كبير من الأمراء الشباب الطامحين في الحكم وانتزاع الملك لفرع معين في العائلة دون الأخرى، والكل يعلم أن من سيؤول له الحكم من الأحفاد سيكون هو ومن بعده الملوك للأبد.
لذلك كان هناك عمل مستمر على ضمان انتقال سلمي وآمن للسلطة يمنع أية اضطرابات أو انشقاقات داخل الأسرة الحاكمة والتي تضم مئات بل آلاف الأمراء وشبكات المصالح الداخلية والخارجية.
لذلك كانت هناك قناعة داخلية وخارجية خاصة في الولايات المتحدة وأوروبا أن أفضل انتقال للسلطة يجب أن يجري الأن وفي وجود الملك سلمان وعدم انتظار وفاته مثلما هو متبع، خوفا من أي خلل غير متوقع في المنظومة.
كما أن الغرب لا يمكن أن يخاطر أو يغامر بوقوع اضطرابات حتى لو بسيطة في السعودية بحجمها وامكانياتها وأهميتها لاستقرار وأمن المنطقة بل والعالم بأسره.
المباركة الغربية وتوطيد أركان الحكم
لذلك كان هناك مباركة غربية لكل الإجراءات التي اتخذها الملك سلمان وولي عهده، بل ودعم غير محدود من الإدارة الأمريكية والرئيس دونالد ترامب شخصيا لكل ما يجري وتوطيد أركان الحكم الجديد.
وحظي ولي العهد بدعم مباشر من ترامب حتى أنه ارسل صهره ومستشاره لشؤون الشرق الأوسط جاريد كوشنر، لمقابلة بن سلمان أكثر من مرة، كما أن جميع ردود الفعل الأمريكية على ما يجري في السعودية من ترتيبات داخلية واعتقال وعزل مسؤولين لم تخرج عن إطار التأييد والمباركة.
ولن يختلف موقف أوروبا عن الموقف الأمريكي فأوروبا تتعامل مع بن سلمان كونه ملكا فعليا، وحرص الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون على لقائه أثناء الزيارة المفاجئة التي قام بها قبل يومين إلى الرياض.
وروسيا أيضا تؤيد الانتقال ويعول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي استقبل بن سلمان في موسكو من قبل على علاقات أكثر انفتاحا وتقاربا مع الرياض مستقبلا، وبالتالي تعاون اقتصادي وعسكري يخدم مصالح البلدين.
وظهرت أولى التوقعات أو التقارير الهامة التي تحدثت عن تنصيب محمد بن سلمان ملكا، أواخر يونيو الماضي، عندما قام الملك بتنحية ابن أخيه، ثم ولي العهد محمد بن نايف، من منصبه، مما جعل ابنه ولي العهد محمد بن سلمان وريثا للعرش.
وعمل بن سلمان على إرضاء غالبية الأفرع القوية في العائلة طوال الفترة المضاية سواء بالمناصب السياسية أو العطايا الاقتصادية.
التأييد الشعبي
وفي الداخل السعودي أثارت أفكار محمد بن سلمان حماسة الكثيرين داخل المملكة بداية من تطوير وتعزيز الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط وانشاء اقتصاد وطني قوي صناعي وزراعء وسياحي متنوع.
وامتدت يد الاصلاح إلى النواحي الاجتماعية فحظي الأمير الشاب بدعم كبير في إعلانه عن محاربة التطرف والتشدد والعمل على منح المرأة حقوقها السياسية والاجتماعية والاقتصادية كاملة ومنحها فرص عمل متساوية، وكان القرار التاريخي بمنحها الحق في قيادة السيارة.
وفي 25 أبريل 2016، أعلن ولي العهد عن خطة التنمية السعودية 2030. وتتضمن الوثيقة 80 مشروعا تهدف إلى تطوير قطاعات الخدمات العامة وغيرها من المبادرات، فضلا عن عدد من مبادرات حقوق المرأة.
وفي أواخر أكتوبر ، تحدث محمد بن سلمان أيضا عن تأييده للعودة إلى “الإسلام المعتدل” وتعهد بإنهاء التطرف في المملكة العربية السعودية في المستقبل القريب.